قراءة في تطورات الموقف الميداني في الضفة الغربية

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

أولاً :  الموقف

اتسم الموقف الميداني والأمني في الضفة الغربية في الأسبوعين الماضيين  بمجموعة من السمات والمتغيريات ، كان من أبرزها : 

تسليم قيادة المنطقة الوسطى للواء " افي بلوط " خلفاً للقائد السابق اللواء " ايهود فوكس " الذي أنهى خدمته العسكرية في جيش العدو . 

إدامة عمليات الاقتحام والمداهمة لمختلف مدن وقرى الضفة الغربية . 

إدامة عمليات تحييد المقاومين بالتوقيف أو الاغتيال عن بُعد ، أو التصفية أثناء الاشتباكات . 

بدء الجيش الصهيوني استخدام الوحدة 9900 في عمليات إسناد الإجراءات التعبوية في الضفة الغربية. 

إعادة تفعيل السرب 147 المشغل لطائرات الهرمس 900 ، لتغطية منطقة عمليات الضفة الغربية . 

استمرار عمليات ملاحقة وتوقيف المقاومين ؛ وصولاً إلى الاشتباك معهم وتحييدهم من قبل أجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي . 

زيادة إنشاء ونشر أبراج الاتصالات الخاصة بشبكات أجهزة الهواتف الخلوية في (مغتصبات )  الضفة الغربية .    

إدامة أجهزة هندسة سلطة الحكم الذاتي تتبع أماكن زرع وتخزين عبوات المقاومين ، والعمل على تحييدها ، ومنع تشغيلها ضد قوات العدو وجيشه . 

زيادة وتيرة مداهمة شركات ومحلات تحويل الأموال والعبث فيها ومصادرة مبالغ مالية ، تحت ذريعة مشاركتها في إجراء التسهيلات المالية للمقاومين . 

إعلان العدو عن اعتقال مجموعة من مواطني المناطق المحتلة في الثمانية والأربعين ، بحجة بيع أسلحة للمقاومين في الضفة الغربية .

الإعلان عن توقيف شبكات تهريب أسلحة تتبع مهربي المخدرات العاملين في مناطق الثامنية والأربعين والأردن . 

الإعلان عن لقاءات أمنية ؛ بمشاركة أجهزة أمن ذات اختصاص من الأردن ومصر وسلطة الحكم الذاتي ، وبمشاركة نظرائهم من أجهزة العدو الإسرائيلي . وفي ذات السياق ؛ أفادت تقارير إعلامية عن تواجد ضباط أمن أردنيين لمساعدة أجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي ، وأجهزة أمن العدو للتصدي لظاهرة تنامي العمل المقاوم في الضفة الغربية . 

إعلان العدو عن دخول 40 ألف فلسطيني بصورة غير شرعية إلى مناطق الثمانية والأربعين ، ومطالبة السلطات المختصة في الكيان المؤقت العمل على تسهيل الدخول الشرعي ؛ للحد من عمليات تهريب العمال  . 

تكثيف العدو لعمليات مداهمة محلات بيع الأسمدة الزراعية ، والورش الفنية من قبيل محلات الحدادة والمخارط الصناعية . 

بدء العدو بالحديث عن ارتباط بعض المقاومين بـ " داعش " ، واستلهامهم أفكار هذا التنظيم ، واتباع ارشاداته . 

محاولة أجهزة سلطة الحكم الذاتي استمالة المقاومين بالترغيب والترهيب ، وطلب تسليمهم أسلحتهم ، مقابل رواتب شهرية ، ورتب عسكرية ، وكف العدو عن ملاحقتهم ومطاردتهم . 

ثانياً  : القراءة والدلالات : 

إن قراءة ما بين سطور الموقف السابق ، يمكننا من الخلوص إلى بعض الدلالات والنتائج التي يمكن أن تشكل معالم الموقف في الأيام القادمة ، ومن أهم هذه الدلالات والخلاصات ؛ ما يأتي:

فيما يخص التغيير القيادي في هرم قيادة المنطقة الوسطى ، سوف يترك هذا التغيير الإداري أثراً على سلوك العدو ، إنطلاقاً من فهم القائد الجديد للمهمة وما يتطلب تنفيذها من تغييرات في استراتيجية العدو العسكرية والأمنية في الضفة الغربية ، الأمر الذي يتطلب

مراقبة إجراءات العدو التعبوية أثناء عمليات الاقتحام والمداهمية . 

رصد عمليات التدريب والمناورات التي ستقوم بها قوات العدو الضفة الغربية ، لفهم التغيير التعبوي على سلوك العدو أثناء عمله في المناطق . 

رصد ومتابعة التغييرات القيادة في منظومة قيادة العدو في الضفة الغربية ، كون هذه المعرفة تشكل عاملاً مهماً في فهم سلوك العدو ؛ الحالي والمستقبلي  . 

رصد وتسجيل وتحليل أي إجراء تعبوي يقوم به العدو في الضفة الغربية ، لفهم مدى التغيير في سلوك العدو الميداني كنتيجة للتغيير القيادي ، ليبنى على الشيء مقتضاه . 

فيما يخص بدء الاستعانة بقدرات الوحدة 9900 في عمليات إسناد جهد العدو في منطقة الضفة الغربية ، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الوحدة المختصة التي يقودها منذ 2019 العميد "ايرز عقل" ، تقوم  بتوجيه الأقمار الصناعية للاتقاط الصور الجوية لدول المنطقة ـ سيناء مصر ، سوريا ، إيران ، غزة ، الأردن ـ ، كما أنها تتضمن في هيكلها الإداري الوحدات التالية : الأقمار الصناعية ، طائرات بدون طيار ، رسم خرائط ، مركز فك التشفير ، مديرة الاتصال والتي مهمتها نقل المعلومات للمقاتلين في الميدان . ومع ضم إبراج شبكات الهاتف الخلوية التي ستتم زيادتها في الضفة الغربية ، وإعادة تشغيل السرب 147 إلى هذا الجهد المعادي في مسرح العمليات ، فإن هذا سوف يودي إلى

زيادة في مساحة تسطيح ساحة العمليات ، وكشف خبايها وما يدور فيها . 

زيادة كفاءة عمليات القيادة والسيطرة للعدو على مسرح العمليات . 

زيادة المساحة والمسافة لعمليات الإنذار المبكر للتهديدات والمخاطر في مسرح العمليات . 

زيادة في عمليات التشويش على وسائل الاتصالات ، والتحكم فيها والتنصت عليها . 

البدء بالعمل الاستباقي لإبطال وتحييد الجهود الهندسية للمقاومة القائمة على الاستفادة من دوائر التشغيل اللاسلكية . 

زيادة عمليات تحييد المقاومين جواً عبر المسيرات المقاتلة من نوع هرمس 900 . 

زيادة في سرعة استجابة العدو ، وإجراءات التعزيز والإسناد لمواجهة التهديدات في مختلفة مناطق الضفة الغربية . 

فيما يخص التعاون الأمني بين أجهزة أمن العدو ، وأجهزة الدول المشار لها في الحيثيات أعلاه ، وما تقوم به سلطة الحكم الذاتي من ترغيب وترهيب للمقاومين لدفعهم إلى تسليم سلاحهم والتخلي عن نهج المقاومة ، إن هذا السلوك سوف ينعكس على منطقة العمليات على النحو الآتي : 

مزيداً من الضغط والتضييق على حركة المقاومين في منطقة العمليات ، واستباق إجراءاتهم . 

زيادة الجهود الأمنية لكشف نوايا المقاومة ، وتوقع مسار تطورها ، للعمل على قطع هذه المسارات وعرقلة تقدمها . 

العمل على اختراق مجاميع المقاومة بمخلف الطرق والأساليب ، للوقوف على خططها وإجراءاتها المستقبلية . 

السيطرة على ممرات الإسناد الإجبارية ـ الأردن ، مصر ـ  للمقاومة في الضفة الغربية ، وبث الكمائن الأمنية ، والعسكرية في هذه الجغرافيات لإفشال عمل المقاومين والإيقاع بهم وتحييدهم .  

فيما يخص عمليات إدامة العمل المقاوم ، وإمداده بالأدوات والقدارت ، فإن العدو بدء بالعمل على ضرب مصارد تأمين هذه الاحتياجات ، عبر استهداف خطوط التهريب ، والسيطرة على بيع المواد مزدوجة الاستخدام ، كما أنه قد يعمد إلى

الضغط ـ ترغيباً وترهيباً ـ  على رؤوس هذه الخطوط أو بعض العاملين فيها للعمل لمصلحته ، وضمن توجهاته . 

بناء خطوط إمداد بمعرفة العدو وتحت سيطرته ، وبثها في المناطق للإيقاع بالمقاومين وكشف خططهم . 

تفخيخ أدوات ـ للسيطرة أو التحييد ـ  محل احتياج وبحث من قبل المقاومين ، ونشرها في السوق المحلية .  

العودة إلى ( اسطوانة ) داعش ، و ( دعشنة ) المقاومة والمقاومين ، هو سلوك يرجو العدو منه: 

شرعنة إجراءاته المعادية ضد أهلنا وناسنا في الضفة الغربية خصوصاً ، وباقي فلسطين المحتلة عموماً . 

تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة ، لما تختزنه ذاكرتها من صورة سيئة عن " داعش " وافعالها . 

ضرب الحضانة الشعبية ومحاولة ( كي ) وعيها عبر تنفيذ بعض العمليات الإيذائية ونسبها إلى هذه المجاميع المجهولة . 

استخدام أصحاب هذه الأفكار المتطرفة في تحييد مقاومين ؛ لسهولة تقربهم منهم ، وتحركهم في نفس المساحات الجغرافية . 

ثالثا : التوصيات

مراقبة سلوك العدو وجمع المعلومات عنه ، وتحليل إجراءاته واستخلاص الدورس والعبر منها . 

أخذ الحيطة والحذر من عمليات العدو الجوية ، ومحاولة تجنب ـ ما أمكن ـ  النشاط في الأجواء المفتوحة . 

كسر دائرة هدف العمل الجوي المعادي ـ رصد وتوجيه أرضي ، كشف ، حركة ، استهداف جوي ـ عبر عدم الاستجابة لاستفزازات العدو الهادفة إلى كشف المقاومين أمام وسائط النار المعادية ؛ الجوية منها والبرية .   

الحيطة والحذر أثناء عمليات تأمين أدوات ومستلزمات العمل المقاوم ، من أن تكون مفخخة لتحييد المقاومين أو السيطرة عليهم . 

إيلاء الحاضنة الشعبية المناسب من الاهتمام ، وعدم تركها فريسة لإجراءات العدو ، وأجهزة سلطة الحكم الذاتي . 

مراقبة نمو الأفكار ( المتطرفة ) بين مختلف شرائح المجتمع ، والعمل على ( فكفكة ) منطلقاتها ، ومباني عملها الفكرية والدينية ، لما لهذه الأفكار وتلك المجاميع من أثر سلبي وخطر محقق على المقاومة وحاضنتها الشعبية . 

مراقبة التعاون والتنسيق الأمني المعادي مع أجهزة الأمن المختلفة ؛ خاصة لدول الطوق ، أو تلك التي تعد ممرات إجبارية لحركة المقاومين ، ليبنى على الشيء مقتضاه . 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023