أكتب ولا أعرف لماذا؟.. ألهذا العالم الحقير أكتب؟ ..

كم هي فتاتي الصغيرة صاحبة الجدائل متعبة ومنهكة!!..

 كم هي لا تستطيع تصديق ماذا يجري حولها تمشي لأن أمها سمعت صحفيا على الراديو يقول: "الجيش أبلغ المنطقة بإخلاء"، والجيران يهرعون فركضت إلى قالونات المياه وأخذتهم ووضعت حقيبة ملابسها الصغيرة التي فيها غيارين على ظهرها ومشت خلف والدتها تتلمس..

 كل الحي

 كل المدينة..

 كل شيء يجري في الشارع

.. تسأل: ماما هل حقا هكذا يكون الناس يوم القيامة؟.. 

تنظر بجانبها فإذا بشبيهاتها كثر!!... 

كلهن ذوات جدائل جميلة جدًا.. وكلهن أيضا يحملن قالونات مياه وحقائب.. يمشين من أمام مدرسة الأونروا المدمرة تقول إحداهن: "ماما هان كان صفي شيفاه الحمد لله مش مهدوم بس هوا اللي ضايل من المدرسة عشان بالزاوية محروق بس الحمد لله"!

 الأمهات يكتمن كل ما في قلوبهن.. فقط يصدرن تنهيدة تتبعها كلمة "حسبنا الله ونعم الوكيل" ويواصلن المشي.. أغلبهن بلا أزواج ولا أهل... الجميع نجا من هنا إلى الجنة!

 نعم إلى الجنة..

 ألم تقرأ ذات مرة يا عزيزي على الهدم الجملة الشهيرة منذ عشرة أشهر "نجا من مات ومات من نجا"!

 من المستحيل أنك لم تصادفها!

 لأجل ذوات الجدائل!

 لأجل من يحملن القالونات! 

لأجل من يبعن البراد!

 لأجل من تحمل الحر.ب على كتفها بلا زوج!

 لأجل لسعاتها من الحطب وحرق وجهها! 

لأجلهن جميعا !

 سنواصل نقل الحقيقة ... الحقيقة التي لا مفر منها هي أننا نق.تل أحياءً وأمواتًا!!! 






جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023