لماذا تجاهلت إسرائيل تحذير مصر بشأن 7 أكتوبر؟

 الكاتب الإسرائيلي سمادار بيري
 يديعوت أحرنوت

"قبل عشرة أيام من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حذرنا إسرائيل من أن شيئاً كبيراً سوف يحدث في غزة"، هذا ما حثني عليه مسؤول كبير في الاستخبارات المصرية اتصل بي. وبحسب قوله، وأقتبس: "حذرنا رئيس الوزراء نتنياهو من أن شيئا فظيعا من المتوقع أن يحدث خلال أيام قليلة من حماس تجاه إسرائيل". ولم يحدد المتحدث المصري ما إذا كان هذا تحذيرا مباشرا لنتنياهو أم أن الكلام نقل إلى أحد مساعديه، لكنه أضاف أن "الجانب الإسرائيلي لم يهتز من التحذير، وسارع إلى الإعلان عن أننا أكثر قلقا بشأن الوضع المتفجر في الضفة الغربية".

وكما ذكرنا فإن المتحدث المصري لم يوضح بشكل صريح الجهة التي وجه إليها التحذير. وبعد أن نشرت تصريحاته، إلى جانب تحذير حاد على نفس المنوال الذي نشرته وكالة أسوشيتد برس وصحيفة فاينانشال تايمز اللندنية، خرج رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأميركي مايكل ماكول بتصريحات مماثلة. فقد أعلن في الكونجرس وفي مؤتمر صحافي: "لقد أعطاني متحدث باسم الاستخبارات المصرية تحذيراً بأن حماس تستعد لـ"شيء رهيب" ضد إسرائيل. ولا أعرف ماذا حدث لوكالات الاستخبارات لدينا والاستخبارات الإسرائيلية التي لم تنتبه إلى التحذير الصارم". ثم زعم أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان مخططاً له قبل عام على الأقل.

 وقد كشفت إسرائيل مؤخراً أن حماس خططت وأرسلت مقاتليها للتدريب بالقرب من السياج الحدودي قبل عامين على الأقل حتى لا تثير الشكوك الإسرائيلية ــ وقد أبلغت المراقبات بكل شيء ولكنهم تجاهلن تحذيراتهن أيضاً.

ونفى مكتب نتنياهو أن يكونوا قد تلقوا رسالة، لكن اتصالاتي الهاتفية مع مسؤول الاستخبارات المصري الكبير تعود إلى عدة أشهر. لقد كنت أعلم أن مصر لديها تواجد استخباراتي في قطاع غزة، وأن المعلومات التي يتم جمعها يتم تمريرها إلى القاهرة. وإلى يومنا هذا، كانت المعلومات التي قدمها لي الكبير دائمًا دقيقة، وكنت دائمًا قادرًا على النشر باسمي، دون ذكره. وفعلت وسائل إعلام أجنبية أخرى الشيء نفسه. وبعد أسابيع قليلة من نشر المقال في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اتصلت بي مسؤولة كبيرة في مكتب مراقب الدولة وأخبرتني أنها كانت جزءًا من فريق يجمع الأدلة للجنة التحقيق. لقد أخذت شهادتي وطلبت مني أن أحكي بالتفصيل عن الظروف التي تم فيها نقل التحذير المصري إلي، ومحتواه الدقيق. لقد قلت كل ما أعرفه، ولكن من المدهش أن التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي ونشرت الأسبوع الماضي لم تتضمن أي ذكر للتحذير المصري. صحيح أن هناك احتمالاً بالطبع أن يظهر التحذير في الأجزاء السرية من التقرير.

السؤال الآن هو لماذا كان من المهم بالنسبة لمصر أن تبلغ إسرائيل، وأن تتحمل اللامبالاة، وأن تصر على النشر بعد الهجوم أننا "حذرنا". ولماذا قررت إسرائيل تجاهله؟ تنطلق في القاهرة بعد يومين قمة زعماء الدول الـ22 في العالم العربي. وقد تم إعداد جدول أعمال المناقشات، وسيركز على قطاع غزة. ولكن كل الأنظار ستتجه إلى ضيف الشرف المثير للاهتمام ـ الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع (الجولاني)، الذي لم يرتكب حتى الآن خطأ واحداً ضد إسرائيل. وفي الوقت نفسه، يتم نشر مئات المنشورات التي تهدف إلى وصف كيف أن مصر "تدق طبول الحرب"، ومن هو العدو؟ إسرائيل. إن الحشد العسكري وشراء الأسلحة والاستعداد لـ"حرب كبيرة" دفع رئيس التدريب في الجيش المصري اللواء أحمد صفي الدين إلى توضيح أن التسليح يهدف إلى حماية السلام والاستقرار في المنطقة، وأن مصر لا تنوي توريط قواتها في "إيقاع الظلم"، على حد تعبيره، بدولة مجاورة. ومع ذلك، ليس الجميع هنا مرتاحين. يقول رئيس الأركان المنتهية ولايته، هيرتسي هاليفي، في دورة تدريب الضباط في فرقة المشاة الأولى: "مصر لديها جيش كبير مزود بأسلحة متطورة. في الوقت الحالي لا يشكل تهديدًا، لكن الوضع قد يتغير في لحظة".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023