هل جربنا أن نعيش هذه الحالة؟ سمعنا عن وجربنا كثيرا الإضرابات المفتوحة في سجونهم السوداء.. كانت ايام الإضراب كلما تقدمت قدمتنا إلى الموت خطوة.. الالم يضرب رؤوسنا بكل أسلحته والجسد يتحلل وتفقد السيطرة عليه والأمعاء تحتشد بقسوة وتضرب لؤمها بكل ضراوة وشدة.. ولا يفتر أو يتراجع ولو قليلا .. حرب ضروس تحارب فيها كل أعضاء الجسد بكامل قوتها وعلى مدار الساعة.. يطير النوم من العيون ويصبح أمنية.. ما ان تغفو على غفلة من الالم الا وعضو يتحرك فيثير ما فيه وما حوله من ضنك وعناء ليقول لك قم وعش ألمك.
هذا عن نفسك فماذا عن فلذة كبدك وهو يقترب من الموت زحفا دون أن تقدم له يد المساعدة.
تعصر ذهنك وانت بين خيارات في غاية القسوة.. كثيرون من أهل غزة لا يستطيعون الظهور فوق الارض لظروفهم الأمنية شديدة التعقيد . مثل هذا ماذا يفعل لابنائه ؟ هناك أرامل وزوجات شهداء وفاقدات لرجال العائلة وهناك مسنين وأطفال ايتام ..
ماذا يقول هذا الأب الذي فقد الحياه لاطفاله الذين يسارعون الى الموت.. بماذا يعدهم ويصبرهم دون أن يكذب عليهم؟ كل ما يريد قوله قد قاله من قبل.. أمام شدة الجوع تذهب المعاني والكلمات إلى مكان بعيد .. يصمت دون أن يفعل شيئا . وليت الحرج ساعة ثم ينقضي ولكنه ساعات وايام طوال. ؟
فعلا بأس هذه المعركة شديد قاس وطويل يبدو أنها بلا نهاية إلا أن لله إرادة .. الأمة سقطت في الامتحان سوى اليمن وجماعة أنصار الله وكل من وقف بعمل وجهاد .. سوى ذلك شهادة راسب. لقد طرقت أمعاء الغزيين جدران نخوة الأمة فإذا بها صماء لا تسمع ولا ترى ولا تحس. لقد انكشف الحجاب وبانت أمة مهزومة مأزومة لا تستحق الحياة إلا إذا حركت هذه النار لهيب غضبها من جديد ؟
لو كنا احياء ولو كانت الأمة حية لحركت هذه المشاهد نخوتها ولقامت الأرض قاطبة وما قعدت ولكننا أمام حالة اشتغل عليها أعداؤنا كثيرا .. ثقافة الدوران حول الاشياء حلت محل الدوران حور الأفكار فهانت وذلت .. الا من عبرة وعودة إلى حالة الاحياء كي تستجيب النخوة وتتحرك الإرادة والهمة؟!
هذا ممكن واكيد وهذه فرصة تاريخية لتحريك النخوة وإعادة الحياة للأمة من جديد ..
إن لم نتحرك ونشعل الهمة فلا حياة لنا ولا للأمة.