عن الرسالة التي وجهها ترامب الي هرتسوغ..
يديعوت أحرونوت:

إيتمار ايخنر-

الرسالة الرسمية التي وجهها ترامب إلى الرئيس هرتسوغ، والتي تضمّنت طلب عفو عن نتنياهو، ليست "مغيرة قواعد اللعبة"، رغم أن الأمر صادر عن رئيس أهم قوة عظمى في العالم، لكن لا شكّ في أنّ ترامب يزيد الضغط على هرتسوغ، وقد سبق ذلك تغريدات، وطلب العفو في خطاب أمام الكنيست، وكذلك تصريحات في مقابلات صحفية. لكن مع كل الاحترام، هذا لا يكفي.

لتحريك العملية، يجب على نتنياهو، عبر محاميه أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى، أن يقدم رسالة شخصية إلى هرتسوغ يطلب فيها العفو، لكن نتنياهو نفسه يمتنع عن إرسال رسالة كهذه، على ما يبدو خشية أن يورّطه أي اعتراف أو إقرار بالذنب أمام المحكمة.

نتنياهو يرغب في أن يمنح هرتسوغ العفو "هنا والآن"، قبل صدور قرار المحكمة، لكن يبدو أنه لا مانع، مثلا، من أن تتوجه سارة نتنياهو بطلب عفو إلى هرتسوغ.

سيضطر الرئيس هرتسوغ إلى اتخاذ قرار استنادا إلى الرأي القانوني الصادر عن وزارة القضاء وقسم العفو، وبما أنه لا يوجد حتى الآن اتفاق إقرار بالذنب في قضية نتنياهو، فمن المرجح أن تعارض السلطات منح عفو في مرحلة مبكرة كهذه.

حتى اليوم لم يطلب نتنياهو من الرئيس أي شيء، القانون، بالمناسبة، لا ينص على أن المتهم ملزم بتحمل المسؤولية عن التهم المنسوبة إليه والاعتذار عنها، لكنه ملزم على الأقل بطلب العفو، وإذا توجّه نتنياهو أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى إلى الرئيس بطلب عفو، فسيتعين على هرتسوغ، كما ذُكر، إحالة الطلب إلى قسم العفو في وزارة القضاء وهناك سيؤخذ في الحسبان موقف الدولة، أي المستشارة القانونية للحكومة.

بعد ذلك سيُطلب توقيع وزير القضاء، الوزير الحالي ياريف ليفين سيُضطر في مثل هذه الحالة إلى نقل صلاحياته إلى وزير آخر لأنه شاهد ادّعاء في محاكمة نتنياهو، لكن، من الناحية النظرية، إذا عارض قسم العفو في وزارة القضاء منح عفو لنتنياهو من دون اتفاق إقرار بالذنب ومن دون أن يعبّر رئيس الوزراء عن الندم فثمة آراء قانونية تفيد بأن لدى هرتسوغ صلاحية منح العفو في ضوء الظروف.

في مرحلة كهذه سيدخل الرئيس هرتسوغ في معضلة حقيقية: هل يمنح نتنياهو العفو حتى من دون توصية قسم العفو في وزارة القضاء؟ أمام معضلة كهذه ستمارس على هرتسوغ ضغوط كبيرة من جانب ترامب ومن قاعدة نتنياهو الجماهيرية، ومن الجانب الآخر سيُمارس ضغط معاكس — كيف ستتلقى فئات واسعة من الجمهور المعارض لنتنياهو هذه الخطوة؟ من الواضح أن كثيرين في الجمهور يعارضون منح العفو لنتنياهو، وسيكون على هرتسوغ التفكير في كيفية تأثير ذلك على سيرته.

عموما، لا يُذكر سابقة يطلب فيها شخص من الرئيس عفوا في ذروة الإجراءات القضائية ضده، هذا الفراغ هو ما تدخل فيه رسالة الرئيس ترامب، وكما ذُكر، ليس لها تأثير قانوني، لكنها ذات دلالة جماهيرية، فهل يستطيع رئيس الدولة تجاهل توجّه حازم كهذا من رئيس الولايات المتحدة؟

سيضطر هرتسوغ أيضا إلى أخذ الكيفية التي سيُذكر بها في الاعتبار إذا منح عفوا لنتنياهو قبل اتفاق إقرار بالذنب، وقد سبق لهرتسوغ أن صرّح بأن هذه أصعب ولاية رئاسية شهدتها إسرائيل، ولا شك أن كرة النار وصلت إلى عتبة بابه، وأي قرار سيتخذه في هذا الشأن سيكون الأكثر درامية في السنوات السبع من ولايته.

أما بالنسبة للرئيس، فإن "الطريق الملكية" هي أن يتوصل نتنياهو إلى اتفاق إقرار بالذنب يعترف فيه بالتهم المنسوبة إليه، في مثل هذه الحالة سيكون من الأسهل بكثير لهرتسوغ الاستجابة لطلب العفو، وعندها ستؤخذ بعين الاعتبار اعتبارات إضافية: مساهمة نتنياهو في أمن الدولة، طلب ترامب، فرص تحقيق اتفاقات سلام إقليمية وغيرها، وستبقى طبعا المسألة الحاسمة: هل سيعتزل نتنياهو الحياة السياسية أم لا؟ فإذا تبين أنه سيبقى في الساحة، ويريد فقط عفوا لتبرئة نفسه من العار، فلن يسهل ذلك على هرتسوغ.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025