إسرائيل بدون أمريكا ؟!
بقلم ناصر ناصر
30-10-2020
تحاول إسرائيل دوما تجاوز عقدة نقصها وشعورها الدائم بحاجتها لرعاية ومظلة أمريكية سياسية واستراتيجية كما جاء في عقيدة أمنِّها القومي، وذلك من خلال تكتيكات معينة من أهمها إعلانها الاستعداد والجهوزية للمواجهة والحرب، بل والقدرة على خوض معركة لوحدها على عدة جبهات ، كما ظهر في مناوراتها الأخيرة في الشمال والتي انتهت أمس الخميس والمسماة "السهم القاتل" ، حيث الجبهة المركزية هي مواجهة احتمالات قيام حزب الله بالسيطرة أجزاء من فلسطين مع اندلاع مواجهات في غزة واطلاق صواريخ من العراق ، وفي مقابل هذا شكل اتفاق أمريكي إسرائيلي جديد لتعويض الأخيرة عن نية واشنطن المضي قدما في بيع 50 طائرة من طراز أف 35 للإمارات مؤشرا آخر على مدى حاجة إسرائيل لأمريكا وخاصة في أوقات الحروب .
شملت التفاهمات بين وزير الدفاع الاسرائيلي غانتس ووزير الدفاع الأمريكي مارك أسبر في إسرائيل 29-10 التزاماً أمريكياً بتزويد الجيش الاسرائيلي بالذخيرة أثناء الحرب وتزويد طائراتها بالوقود كذلك ، فكيف يمكن لإسرائيل دون الدعم العسكري المباشر ،وكيف يمكن لقادتها السياسيين والعسكريين أن يزعموا أنهم مستعدون للحرب في جبهة أو من باب أولى في ثلاث جبهات ؟ أم أنهم يعتمدون على غيرهم كأمريكا للقتال عنهم ؟
لا يعني هذا الإستهانة بقدرات الجيش الإسرائيلي ، فهو من أقوى جيوش المنطقة ولكنه مبني على الحروب الخاطفة والسريعة ، أما طويلة المدى فهي أمر آخر وبحاجة لتدخل أمريكي واضح ، وهي نقطة ضعف كبيرة في الأمن القومي الاسرائيلي .
من المناسب الإشارة أيضا إلى أن تفاهمات إسبر وغانتس تضمنت أيضا موافقة أمريكية على تزويد دولة الاحتلال بسرب جديد من طائرات أف 35 وسرب آخر من النموذج الأكثر تطوراً من طائرات اف 15 ، وقنابل ذكية تخترق التحصينات العالية إضافة الى تكنولوجيا حديثة متطورة ، الأمر الذي سيحوّل بيع امريكا طائرات إف 35 للامارات أمرا محتملا ولا يؤثر بالمطلق على التوازن العسكري مع إسرائيل ولكنه يحقق لترامب مطالبه بتشغيل شركات السلاح وتوفير مئات آلاف فرص العمل ، كما أنه يسمح بإغراء بعض الدول بالتطبيع مع إسرائيل مقابل ثمار السلام " على شكل طائرات أو إلغاء ديون أو ما شابه .
أو بمعنى آخر : إسرائيل تقبض وأمريكا تدفع وتضغط وتهدد إن لزم .
ومن جهة أخرى فإن اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات وإسرائيل والسودان قد تمت بدعم ورعاية أمريكية ، فهي قاطرة هذه العملية ، حتى بدا الأمر كأنه اتفاق أمريكي سوداني ، أو أمريكي إماراتي بالدرجة الأولى ومع إسرائيل بالدرجة الثانية ، ولا يقلل هذا بالطبع من عمق الجريمة الاستراتيجية والسياسية والأخلاقية التي ارتكبتها أنظمة التطبيع ، ولكن القول هنا يستهدف وضع الأمور في نصابها وإعادة اسرائيل- المستوطنة لحجمها الطبيعي ونتنياهو لمقامه المحدود ، وبمعنى آخر فإن مشكلة العرب والمسلمين هي أمريكا بالدرجة الأولى وعليهم التعامل معها بالوسائل المتاحة والمناسبة وهي مهمة معقّدة وطويلة المدى ، أما إسرائيل فيمكن للفلسطينيين موحدّين مواجهتها .