الحركة الإسلامية ونتنياهو
بقلم ناصر ناصر
17-1-2021
قد تكون إحدى أهم تداعيات ومعاني قرار الحركة الاسلامية الجنوبية، وأبرز ممثليها منصور عباس التوجه للحوار مع نتنياهو الذي يسعى لإنقاذ نفسه من المحاكمات، والحصول على مقاعد في الكنيست القادمة عبر الأصوات الفلسطينية في الداخل ، قد تكون أهم هذه التداعيات هي تعزيز التناقض الفلسطيني الداخلي في التعامل مع " الدولة " ما بين الأساس الكولونيالي الإحلالي لها، وبين ما يبدو كتعزيز الإعتراف بها كأمر واقع ، وذلك عبر اعتبار الجنوبية الفلسطينيين في الداخل كأقلية "مسلمة " في دولة غير مسلمة كالدنمارك أو فرنسا على سبيل المثال ، وليس الأمر كذلك بالتأكيد ، وذلك عدا عن التداعيات الايدولوجية والسياسية ومن أهمها زيادة الانقسام في صفوف الأحزاب والجماهير العربية في الداخل .
قد يكون التوجه الجنوبي المباشر نحو نتنياهو قفزة نوعية أخرى في قرارات الحركة الاسلامية الجنوبية في اتجاه المشاركة في الحكومة تحت ذريعة مصالح الجمهور العربي في الداخل ، وذلك بعد قرارها التاريخي الذي أدى حينها لانشقاق داخل الحركة الاسلامية ، مما أنهى مرحلة هامة بتاريخ الحركة تميزت بالوحدة الداخلية وامتدت منذ تأسيها في العام 1972 ، وحتى الانشقاق الكبير في العام 1996، حيث رفض الشيخ رائد صلاح مبدأ العمل الفلسطيني من داخل الكنيست منطلقاً من المفاهيم الأساسية الدينية والوطنية ، ومنها رؤية "اسرائيل " كدولة استيطانية مختلفة قد يمكن التعامل معها بواقعية معينة وضرورية لا تتجاوز مبادىء المجتمع العصامي الذي يركز بالدرجة الاولى على العمل الاجتماعي من خلال البلديات كأقصى حد ، ولكن الامر تغير بعد حظر الحركة واعتقال شيخها صلاح .
ويبرز السؤال التالي: متى بدأت نقلة الجنوبية النوعية في الحدوث؟ وكيف نشأت العلاقة بين منصور عباس ونتنياهو ، وهو الذي اشتهر بخطابه في العام 2015 " العرب يتدفقون إلى صناديق الاقتراع " ، فيما بدى استخداماً عنصرياً لدفع اليهود للمزيد من المشاركة في الانتخابات ، وكذلك اقتراحه قانون الكاميرات في العام 2019 لمراقبة سلوك الناخبين العرب ، وأيضا شعاره في العام 2020 " بيبي او طيبي " ، وهذا قبل أن يتحول الأمر في هذه الايام الى شعار " بيبي يا حبيبي " ، قد تكون علاقة عباس نتنياهو قد بدأت ووفق مصادر " إسرائيلية " في مايو 2019 عندما عقد ما يبدو كصفقة مع احد المقربين من نتنياهو ويدعى نتال اشيل حول الاختيار السري لمراقب الدولة .
تستخدم الحركة الجنوبية وممثلها منصور عباس مبرر المصلحة أو خدمة الجمهور العربي لتبرير اتصالاتها مع نتنياهو -وهو نفس المبرر الذي ادى في العام 1996 لانشقاق الحركة - وذلك في معرض الرد على الانتقادات الواسعة بالنسبة لهذه الاتصالات، فقد زاد هذا التبرير وضوحا على خلفية عدم قدرة الفلسطينيين في الداخل على كبح جماح ظواهر سلبية متعددة في مجتمعهم ، ومن أهمها العنف والقتل شبه اليومي ، وبمعنى آخر طالما لم يتحقق الهدف المنشود من دخول الكنيست ، فهل يتم زيادة وتيرة المشاركة السياسية ، وذلك بالدخول في دائرة العمل الحكومي ؟
أم بالتراجع خطوة للوراء وإعادة تقييم المرحلة ، مما قد يسهم في توحيد صفوف الفلسطينيين وتحديدا داخل الحركة الاسلامية ؟
من الواضح أن الجنوبية اختارت المزيد من الهروب نحو الأمام لحل هذه المشاكل وليس إعادة التقييم والتقويم .
من المعقول القول بأن استراتيجية الهروب للأمام نحو المشاركة في لعبة الائتلافات الحكومية في الدولة العبرية لن تنجح ،خاصة إن قامت الجنوبية بذلك وحدها وبعيدا عن القائمة العربية المشترك؛ وذلك لسبب بسيط وهام وهو أن نتنياهو المسمى "بالساحر" يمتلك قدرات المراوغة والتلاعب ، وهو يسعى لتفكيك القائمة المشتركة وإضعافها وتشتيت الأصوات العربية؛ لأنه ينطلق من استراتيجية " فرق تسد " فهل ستعطي الجنوبية نتنياهو هذه الفرصة ؟