ما هو العاجل في لقاءات كوشنير نتنياهو الأخيرة -
بقلم / ناصر ناصر
أثارت جولة كوشنير و غرينبلت الأخيرة للمنطقة ، و تحديدا لقاءاته المتكررة و المطولة مع المسؤولين الاسرائيليين ، و على رأسهم نتنياهو العديد من التساؤلات ، و خاصة حول أولويات و مضامين و تفاصيل و أهداف هذه اللقاءات ، وذلك على الرغم من تأكيد المصادر الاسرائيلية أن اللقاءات المكثفة تضمنت بندين : الاول: وضع اللمسات الأخيرة على خطة السلام الأمريكية و المسماة بخطة القرن ، و التي أصبح واضحا ما هو السيناريو المرجح لمصيرها أي : أمريكا تعرض خطة للتفاوض و النقاش و الفلسطيني يرفضها قطعا ، و الاسرائيلي يجيب بنعم و لكن "لا " ، ثم يمحى ذكرها و يبقى واقع الاحتلال متصاعدا ، فعلام الكثافة و العجلة إذن ؟
لأن معظم المصادر الغربية و الاسرائيلية تشير الى أنه لن يتم عرض خطة ترامب قبل نهاية الصيف الحالي ، و لأن تهدئة غزة "الملتهبة " هي مقدمة ضرورية للتمكن من عرض هذه الخطة ، وعدم تكرار سيناريو نقل السفارة المخضب بدماء الفلسطينيين في غزة في 14-5 ، و لعدم وجود عقبات حقيقية من قبل الأطراف فمن المعقول الإفتراض بأن العاجل و الملح في لقاءات كوشنير -غرينبلات-ونتنياهو و غيره من القادة العرب هو ليس خطة السلام بل معالجة أوضاع قطاع غزة التي أنضجت سياسات اسرائيل تجاهه كل شروط و مقدمات الحرب في صيف 2018 ، و بشكل أدق كيف يمكن تحقيق الحد الاعلى من الأهداف الاسرائيلية تجاه غزة .
مع ان الكثير من المحللين و الخبراء يؤكدون عدم وجود سياسة اسرائيلية واضحة أو متلائمة تجاه غزة ، إلا أن جزءا مهما من الأهداف التي تسعى اسرائيل وتحديدا الليكود - وبالتالي كوشنير و غرينبلت - لتحقيقها في غزة واضحة ، وعلى رأسها : منع انفجار غزة في وجه اسرائيل ، وهو أمر يواجه بعقبتين رئيسيتين يبدو أن من الممكن أمريكيا تجاوزهما : أما الاولى فهي رفض و إصرار الرئيس ابو مازن على استمرار عقوباته ضد غزة تحت مبررات الضبط و السيطرة . و الثانية رفض وزير الدفاع ليبرمان و الوزير الاهم في الكابينت "بينت" للربط بين التخفيف عن غزة والتهدئة، في إنكار عنصري لعقلانية الفلسطيني و ليس اعترافا بحقه في المطالبة حتى بأبسط حقوقه في إطار قضيته الوطنية العادلة . و في المقابل يلقى الدعم و التشجيع من قبل الجيش و المؤسسة العسكرية ، و لا يلقى معارضة تذكر من قبل الدول العربية ، فوفق هآرتس فإن الملك الاردني لا يعارض شريطة ان لا يكون ذلك في إطار خطة لفصل الضفة عن غزة ، أما ولي العهد محمد بن سلمان فهو يؤيد –و بعكس والده - هذه العملية حتى بثمن فصل غزة عن الضفة في إطار خطة ترامب . أما الهدف الثاني الذي يسعى نتنياهو وكوشنير و غرينبلات لتحقيقه فهو : كيف يتم التأكد بأن حماس ، والتي هي في عيون " اسرائيل " المسؤولة عن كل ما يجري في القطاع من ناحية تلقي العقوبة و القصف ، لن تكون مسؤولة أو عنوانا لأي مساعدات أو إنجازات اقتصادية و إنسانية ، و لن تقطف ثمار صبرها و صمودها الى جانب شعبها في وجه الحصار الاسرائيلي و الغير اسرائيلي الفاشل و الكريه . هل ناقش الحلفاء شروط مسبقة للتخفيف عن غزة ؟ كضرورة حل مشكلة إعادة الجنود الاسرائيليين الاسرى في غزة منذ 2014 ، أو تحقيق تقدم معين فيها ، كما تطالب و تضغط قوى داخلية اسرائيلية وعلى رأسها عائلات الجنود الاسرى . و هل و كيف يمكن تحقيق ذلك دون المس بالهدف الاسرائيلي الامريكي الثاني سالف الذكر ؟ من المحتمل ان يستعين الحلفاء كعادتهم " وقت الزنقات " ببعض الاصدقاء أو الاتباع العرب لتسهيل هذا التناقض ، و لحل هذه المعضلة وقد يكون ذلك على أرضية تحريك - وليس حل - موضوع الجنود الاسرى ، دون أن يظهر ذلك كإنجاز للمقاومة بل كتنازل منها أمام صلابة الموقف الاسرائيلي . الى أي مدى سيحقق نتنياهو و كوشنير خططهما و أهدافهما ؟ يتعلق الأمر بدرجة واضحة بمواقف و أولويات و حسابات الشعب الفلسطيني و على رأسه مقاومته الباسلة .