إن المتابع والملاحظ لمواقف اسرائيل من الوضع في سوريا وتحديدا من تزايد النفوذ الايراني فيها، يرى بوضوح مدى خيبة الامل الاسرائيلية من سياسة ترامب تجاه إيران في سوريا.
وقد جاءت الضربة الامريكية -الفرنسية -البريطانية لتعزز هذا الموقف، والذي ظهر من خلال تصريحات شخصيات كالوزيرنفتالي بينت ومحللين اسرائيليين كبار أقروا بعدم فهم حكومة إسرائيل ماذا يريد ترامب.
إن المصلحة الاسرائيلية تقتضي عدم انسحاب الأمريكان من سوريا وهو ما حاول نتنياهو شرحه دون فائدة في مكالمته الأخيرة مع ترامب قبل أيام، فإسرائيل ترى أن الحل لمشكلتها مع النفوذ الايراني في سوريا يكمن في تفاهمات أمريكية روسية لا يمكن تحقيقها دون أمرين أساسيين وهما:
لقد كانت مشكلة الكيماوي الأخيرة فرصة ذهبية للمصلحة الاسرائيلية، حيث سعت إسرائيل من وراء الكواليس إلى إنجاز ما يمكن اعتباره مقايضة الكيماوي بالنفوذ الايراني، أي عدم توجيه ضربة قوية للنظام السوري بحجة استخدامه الكيماوي أو توجيه ضربة رمزية له لا تؤثر عليه ولا على استمرار بقائه، وهو ما أصبح مصلحة مشتركة للروس والأمريكان والإسرائيليين أيضا، ولكن في مقابل أن يعمل الروس بشكل أو بآخر على موائمة النفوذ الايراني في سوريا مع مصالح إسرائيل، والتي تقتضي عدم امتلاك إيران لقدرات حقيقية تسمح لها بفتح جبهة على حدود الجولان، وتكرار تجربة حزب الله في لبنان، ويبدو أن هذا الأمر لم يحدث أو على الأقل لم تظهر مؤشرات حتى اللحظة لوجوده .
قد تعزز هذه الحالة الموقف القائل إن ما يحدد سياسة أمريكا هو مصالحها في المنطقة، والتي تبدو أنها تعارضت وتجاوزت مصلحة اسرائيل هذه المرة، يضاف إلى ذلك مزاج ترامب المتقلب، والذي لم يخدم هو ايضا مصلحة إسرائيل في سوريا.
كما أن أمريكا ترى أن مواجهة النفوذ الايراني في سوريا مكلف جدا وعلى حلفائها دفع ثمن ذلك، ويبدو أنها تقدر أنه ما زال بالإمكان السيطرة على هذا التهديد، أو أن استمراره يعزز من تبعية حلفائها لها، ويصدق هذا الامر مع السعودية أكثرمنه بكثير مع إسرائيل.
وهكذا تشعر إسرائيل المدللة أنها وحيدة وهي ليست كذلك فيما أسماه عاموس جلعاد مسار خطير يؤدي إلى تصادم مع إيران؛ بسبب الموضوع السوري، ولا يعني ذلك حدوث حرب شاملة في المدى القريب أو المباشر فإيران لم تستكمل بعد بناء قدراتها في سوريا، واللعبة في سوريا لم تنته بعد، ولا يبدو أن اسرائيل ستنتقل من سياسة الضربات المحدودة في سوريا إلى سياسة المواجهة الشاملة مع إيران.