ترامب من جديد .. وفلسطين هي الضحية
بقلم / ناصر ناصر
25-1-2020
على الرغم من تأخر نشر ما يسمى بخطة السلام او اعلان ترامب المتوقع خلال ساعات ، يبرز سؤال التداعيات والآثار والتوقيت لهذا الاعلان ؟ وذلك بعد ان اصبح واضحا ان مضمون ومعنى خطة ترامب في الشرق الاوسط هو الاعتراف بالواقع الظالم ، فما تم احتلاله بالقوة الغاشمة سيتم إضفاء شرعية الكابوي الامريكي من قبل ترامب عليه . تماما كما فعل العالم أجمع عندما أضفى الشرعية على ما سرقه الصهاينة من أراضي فلسطين في يافا وحيفا واللد وصفد وعسقلان ،
واضطر نفر من الفلسطينيين للاعتراف به على أمل ان يعترفوا لهم بدولة على ما حطمه ترامب الآن . ان كان مضمون الخطة يخدم كل "اسرائيل" الاستيطانية المحتلة ، فان توقيت الخطة يخدم وبدون أدنى شك نتنياهو شخصياً وسيشكل له حبل نجاة متين وهو الغارق في الملاحقات القضائية والسياسية والاعلامية حول ما تورط به من قضايا رشوة وغش وفساد ، وسيخلط أوراق اللعبة السياسية الداخلية عشية انتخابات الكنيست في اسرائيل .
ارسل ترامب دعوة لنتنياهو ولغانتس لزيارة واشنطن يوم الثلاثاء وهو اليوم الذي ستجتمع فيه الكنيست لمناقشة الحصانة لنتنياهو ، فإن قبل رئيس المعارضة غانتس الدعوة لواشنطن فهو في ورطة ، وإن رفض فهو في ورطة من نوع آخر . ان وافق غانتس وسافر برفقة او تحت عباءة نتنياهو فسيتعرض لانتقادات حادة داخل حزبه ، وفي أوساط مؤيديه الرافضين لمجرد ذكر اسم "بيبي" ، فكيف بالسفر في ذمته وتحت رعايته وبعد ان انتشر في الرأي العام انه هو من طلب من ترامب دعوته ، سيؤثر هذا سلباً على المعركة الداخلية المبنية على الاصطفاف ضد " بيبي " ، وستتحول أجندة الانتخابات في اسرائيل ولاول مرة الى أجندة سياسية أمنية لمصلحة نتنياهو واليمين ، مما يعني تراجع الاشتغال العام بقضايا فساد نتنياهو . وان رفض غانتس السفر برفقة نتنياهو فسوف يتهم برفض دعوة الرئيس الامريكي وقلة الخبرة في الشأن الدولي ،
وتعريض العلاقات الامريكية الاسرائيلية لحرج ومشكلة ، كما سيتهم أنه "يساري" يريد تضييع فرصة الفوز بالشرعية الامريكية لمصالح " اسرائيل الاحتلالية " في الضفة الغربية . ماذا ستفعل السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ابو مازن وهي الممثل "الوحيد للشعب الفلسطيني " ، من المؤكد انها سترفع من وتيرة استنكارها وادانتها وتحركاتها الدولية التي لم تثبت نفسها يوما ولم تعد أي حق لأصحابه ، وستهدد بوقف التنسيق الامني وإلغاء اتفاقيات السلام مع اسرائيل ، وقد تقوم بفرض مزيد من العقوبات على قطاع غزة ، واعتقال المزيد من المعارضين في الضفة الغربية . وهكذا حتى تعلن اسرائيل ضم المقاطعة في رام الله .
تتحمل القوى الحية في الشعب الفلسطيني من كافة ألوان الطيف السياسي ، وعلى رأسها المقاومة في قطاع غزة مسؤولية كبرى اتجاه ما يجري من تطورات ، فمن واجبها ان تستمر في بذل كل ما تستطيع لمقاومة وإفشال ما يجري من مخططات امريكية غاشمة ، على الرغم مما سيتسبب لها ذلك المزيد من المعاناة ، فطريق المقاومة صعب وشاق ومرير لكنه يوصل للاهداف في نهاية المطاف