كاتب وباحث سياسي
وقف التنسيق الأمني
مناورة سياسية مشروعة أم ذرًا للرماد في العيون ؟
بقلم ناصر ناصر
22-5-2020
الاعلام الاسرائيلي غيّر نبرته في التعامل مع تصريحات الرئيس عباس حول وقف العمل بالاتفاقيات الأمنية والسياسية، ويبدو أن ذلك قد حصل بعد اجتماع رؤساء الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع رئيس الوزراء اشتية لتنفيذ قرارات الرئيس ابو مازن، مع ملاحظة عدم صدور مواقف رسمية من قبل حكومة الاحتـ لال.
فقد أشار راديو جيش الاحتلال صباح اليوم على سبيل المثال بأن ضباط الأمن الفلسطينيين أبلغوا نظرائهم الاسرائيليين بتجميد التنسيق الأمني بدءًا من الليلة الماضية وحتى إشعار آخر، وأبلغوهم بانسحابهم إلى خطوط التماس خاصة في منطقة القدس، وذلك تطبيقًا لقرار الرئيس أبو مازن القاضي بوقف العمل بالاتفاقيات السياسية والأمنية مع اسرائيل.
وكان غال بيرغر مراسل الشؤون العربية في القناة 11 قد ذكر ليلة أمس بأن السلطة أوقفت الخط الأمني الساخن مع أجهزة الأمن الاسرائيلية وهو الخط الذي لم يتوقف حتى في أزمة البوابات الالكترونية في المسجد الأقصى في 2017 ، مضيفًا أن قرار وقف التنسيق الأمني يبدو جديا أكثر من أي وقت مضى.
وفي نفس السياق نقل جاكي خوري مراسل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس اليوم الجمعة 22-5-2020 عن مصادر فلسطينية قولها بأن: قوات أجهزة الأمن الفلسطينية بدأت الانسحاب من مناطق C و B كجزء من وقف التنسيق الأمني، مشيرا إلى تصريحات صائب عريقات أمس والتي أكد فيها بأن السلطة أبلغت وكالة المخابرات الامريكية السي أي ايه بوقف التنسيق مع اسرائيل وأمريكا، وأضاف خوري بأن الاعتقاد السائد هو أن خطوات وقف التنسيق ستؤثر بالأساس على سكان المناطق الفلسطينية، لذا فالسلطة تعتقد أن اسرائيل سترد بتشديد إجراءاتها لزيادة الضغط عليها.
ولإضفاء بعض الغموض أشارت هآرتس إلى تصريحات مسؤول كبير في فتح لها أمس من أنه من غير الواضح ما هو معنى قرار الرئيس على الأرض، هل سيتم وقف كل أنواع الاتصالات الأمنية مع اسرائيل مباشرة أم لا ؟ أم أنها إعلان موقف فلسطيني عام ؟
وبدوره حذر قائد المنطقة الوسطى الاسبق غادي شيمني من خطورة وقف التنسيق الأمني مؤكداً جوهريته لمنع "الارهاب " ومحذرًا من قيام أطراف كثيرة باستغلال الوضع للتصعيد، وقد يكون قد أشار بذلك إلى تصريحات نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حمـ. ـاس الشيخ صالح العاروري لقناة الميادين ليلة أمس حول جهود الحركة في تفعيل المقـ. ـاومة بكافة أشكالها في الضفة الغربية، وترحيبه بقرار وقف التنسيق الأمني إن كان جدّيًا.
ما حقيقة الموقف إذن ؟
التجربة السابقة مع تصريحات الرئيس أبو مازن تؤكد أن إعلانه وقف التنسيق الأمني ليس حقيقيا أو نقطة تحول استراتيجية، بل هو في أحسن الأحوال محاولة لاستخدام ما لديه من أوراق ضغط محدودة لثنيّ اسرائيل عن عزمها ضم أجزاء من الضفة الغربية، وفي أسوأ الأحوال خطوة بهلوانية في الهواء تؤدي الى خلق دراما وأكشن مصطنع له تأثيرات محدودة على الرأي العام في المنطقة دون متخذي القرار فيها.