هل سيتم تأجيل الضم؟
ناصر ناصر
2-6-2020
على الرغم من ضرورة تبني واعتماد الفلسطيني فرضية عمل مفادها أن حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو عاقدة العزم على البدء بتطبيق عملية إخضاع أجزاء من الضفة الغربية والأغوار للسيادة الاسرائيلية بشكل قانوني ورسمي، إلا أن المؤشرات تتزايد في الآونة الأخيرة على احتمالية اضطرار نتنياهو لتأجيل أو على الاقل التخفيف من وتيرة الاندفاع نحو الضم من خلال اتخاذ خطوات رمزية للضم.
ومن أبرز ذلك ما صرح به وزير الكابينت المقرب من نتنياهو زئيف ألكن لراديو الجيش قبل يومين عن احتمالية تأجيل عملية الضم الرسمي -فالضم الفعلي الزاحف قائم ومستمر- لعدة أسابيع، إضافة إلى ما تم نشره في وسائل إعلام اسرائيلية نقلاً عن مصادر مطلعة في الجيش من أن الدوائر الأمنية المختصة لم تطّلع بعد على خرائط الضم، ولم تصدر إليها تعليمات للتحضير بهذا الخصوص، الأمر الذي دعا وزير الدفاع الأسبق والمؤيد للضم ليبرمان للتشكيك في نوايا نتنياهو بالقيام بعملية الضم في موعدها المقرر في بداية يوليو القادم.
وفي هذا السياق لا تكفي توجيهات غانتس بالأمس للجيش للاستعداد للضم قريباً أو مبادرة الشرطة الاحتلال لتكليف ضابط كبير هو يتسيك سابون ليكون مسؤولا عن طواقم العمل والتحضير والاستعداد لما قبل وفي يوم الضم.
ومن المؤشرات الأخرى لاحتمالية تأجيل عملية الضم هو ما نشرته مصادر إسرائيلية في شبكة كان من معارضة المستوطنين للأمر بسبب كونه جزء من خطة القرن التي تؤيد وفق مزاعمهم قيام دولة فلسطينية غير عابئين بأنها دولة هشّة وهزيلة ولا تمتلك أهم مقومات الدولة وهي السيادة الأمنية، على معظم مناطق الضفة الغربية.
إضافة لما سبق وهو الأهم ما أفادت به القناة 11 للتلفزيون الاسرائيلي نقلاً عن مصدر سياسي كبير من أن الاتصالات التي تمت بالأمس 1-6 بين نتنياهو وكوشنير من جهة، وبين غانتس وفريدمان من جهة أخرى قد أظهرت رغبة الأمريكان في تأجيل عملية الضم لموعد آخر، وأحد العوامل لذلك هو الاضطرابات والاحتجاجات الواسعة في كافة أنحاء الولايات المتحدة احتجاجا على العنصرية ضد السود، والتي أشعلها قيام الشرطة بقتل جون فلويد، وأشارت نفس المصادر إلى رغبة عربية وتحديدا من دول الخليج بتأجيل هذه الخطوة، الامر الذي يناقض بعض التسريبات التي تهدف لتعزيز وتعميق الهوة بين الشعوب العربية وأنظمتها (التلاعب الاسرائيلي برادار الضم والتطبيع، بتاريخ 27-5) والقاضية بدعم وتأييد هذه الأنظمة للضم في يوليو.
من المناسب التأكيد أن المعارضة الأمريكية لموعد وتاريخ -وليس لمبدأ- ضم أجزاء من الضفة الغربية هو شرط كافٍ وليس وحيد لتأجيل الضم، ويماثله تقديرات نتنياهو الخاصة بأن موعد الضم يمس بمصالحه الضيقة.
هل من الممكن أن تكون هذه المؤشرات جزءًا من عملية تضليل إسرائيلي لتهدئة المواقف (وتنويم جبهات) المعارضة الداخلية والخارجية لتمرير الضم؟
من الصعب نفي هذا الاحتمال رغم عدم ترجيحه، والحل على الصعيد الفلسطيني هو تبني فرضية الضم في موعده واتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لمواجهته، وعلى رأسها تعزيز الجبهة الداخلية وإنهاء الانقسام والتعاون الأمني.