المؤامرة على الفلسطيني والمستهدف هو العربي
بقلم / محمد اغبارية القسطل
من الواضح لكل متبصر ان الفلسطينيين في صفقة القرن هم من يلعبون ووفق المثل الفلسطيني الشائع دور الكّنة. بينما ما يسمون بالعرب المعتدلين يقومون بدور الجارة. الأنظمة العربية في غالبيتها قد حسمت خياراتها الاستراتيجية اتجاه إسرائيل بالتصالح معها ، ولا سيما بعد اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر في العام 1979 حتى ولو كان على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية ، غير أن حالة اللاحرب واللاسلم المعلنة طوال العقود الماضية بين العرب وإسرائيل بالاضافة الى حالة الصراع المشتعل مع الفلسطينين حال دون مجاهرتها بنواياها الحقيقية .
إلى أن وقّع الفلسطينيون على اتفاق اوسلو عام 1993 ، وكان لها بمثابة هدية من السماء وفرصة للكثير منها بأن تجاهر بتقاربها وتصالحها مع إسرائيل ، بيد ان انتفاضة الأقصى عام 2000 وتراجع العلاقات بين السلطة وإسرائيل أجبر بعض هذه الأنظمة على ( الاحتشام ) بعلاقاتها مع إسرائيل والاحتجاب المؤقت إلى أن اخذ دور إيران ومحور المقاومة يتعاظم في المنطقة ليزول ما ظل عالقا من الحشمة السياسية لدى هذه الدول ، بحيث لم يتبقى اي عقبة امام اندافعها لتشكيل تحالف عسكري واستراتيجي( ناتو عربي مع إسرائيل ) سوى عقبة تَقَبُل شعوبها لِعُريّهن الفاضح في احضان إسرائيل. ثم كان انتخاب الرئيس ترامب وطاقمه على موعد مع هذه اللحظة التاريخية فأخذ هذا الطاقم على عاتقه تقديم خدماته وتسهيلاته بتوفير المنصة والمشهد بالظهور العربي جنبا إلى جنب مع الإسرائيلي في اللوحة الإقليمية والمؤتمر الاقتصادي الذي عقد في البحرين في يوليو من العام الماضي برعاية امريكية لدعم ( كما أعلنوا )السلام بين الفلسطينين والعرب وإسرائيل يأتي في هذا السياق لا أكثر ولا أقل .
ومع هذا السؤال يبقى يطرح نفسه حول اصرار الولايات المتحدة الأمريكية على اعلان ما يسمى بصفقة العصر ، بالرغم من معرفتهم المسبقة بالموقف الفلسطيني الرافض والرافض بشدة . فلماذا اذن هذا الإصرار ؟ إن الفلسطينين كما شبهناهم الكنة يتراىء للجميع وكأن حال القضية الفلسطينية هو الهدف والغاية من جميع هذه التحركات غير أن الهدف الحقيقي لهذه التحركات هو " الجارة " اي تطبيع الوعي الشعبي العربي ليس بوجود إسرائيل الطبيعي في المنطقة بل تطبيعه بدور إسرائيل الفاعل بالمنطقة وخصوصا في الناتو العربي القادم وبرعاية امريكية لمواجهة إيران ومحور المقاومة بكل مكوناته . فكان لابد من بناء منصة وتركيبها على ظهر الفلسطينيين ورأس قضيتهم ( قد يكون الرفض الفلسطيني لصفقة القرن هو المطلوب اصلا عربيا وامريكيا وإسرائيليا حتى يتسنى للانظمة العربية القول ان الفلسطينين هم من يرفضون كل ما يعرض عليهم ) ولا نستطيع أن نرهن مستقبل دولنا ومصالحنا ومصالح شعوبنا بنزق الفلسطينين وتهورهم على حد تعبيرهم.
نظرا للتحديات والتهديدات الجسام كتعاظم إيران ومحور المقاومة التي تواجهه دولنا أما إسرائيل فسوف ترى بالرفض الفلسطيني المدخل لشرعية ضم مناطق ج والاغوار من طرف واحد تحت السيادة الإسرائيلية ، والولايات المتحدة الأمريكية ستبرر بالرفض الفلسطيني امام الداخل الامريكي المؤمن بحل الدولتين والاوروربي والاممي بشكل عام واعطاء الضوء الاخضر للمحتل الإسرائيلي بالضم .
بناء على ذلك فعلينا ألا نتفاجىء كثيرا اذا ما رأينا الناتو العربي بما فيه إسرائيل يقام بناؤه على رأس القضية الفلسطينية الذبيحة بأيدي عربية وللأسف بعد أن يعلن الفلسطينيون رفضهم الرسمي لخطة ترامب .