صفقة القرن: تحديات اسرائيلية واستجابة عربية فلسطينية . بقلم / ناصر ناصر

صفقة القرن: تحديات اسرائيلية واستجابة عربية فلسطينية

 بقلم ناصر ناصر 

2-2-2020 

طرحت فوضى العصر للرئيس ترامب -ورغم تبنيها موقف اليمين الاسرائيلي -أسئلة وتحديات إستراتيجية رئيسية جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي لن تتكلف فيما يبدو عناء الاستجابة والرد عليها بفضل الأوضاع الفلسطينية والعربية الرسمية المريرة ، وعليه تتضمن خطة العصر مكاسب فورية وجوهرية للاحتلال كالقدس واللاجئين والاستيطان ، 

ويتحمل الفلسطيني والعربي تكاليف الخطة المحتملة ماليا واستراتيجياً ،على اساس وعد بتعويض مؤجل ومشروط وشبه مستحيل للطرف الفلسطيني المستضعف . أما السؤال الاول الذي تطرحه الخطة فيتعلق بالخمسة عشرة مستوطنة المعزولة والخارجة عن الكتل الاستيطانية الرئيسية في الضفة الغربية ، والتي تقع في مواقع حساسة وستكون بحاجة الى حمايات وحراسات واستعدادات خاصة قد تكلف دولة الاحتلال اموالا طائلة. ومن ذلك عدة كتائب عسكرية للحماية وبناء أسوار وجدران وشوارع التفافية جديدة ،

 وقد تتجاوز( إسرائيل ) هذا التحدي الجوهري كما تجاوزت التحدي الفوري او السؤال الثاني والمتعلق بمواجهة تظاهرات واحتجاجات الفلسطينيين في سائر انحاء الضفة الغربية على جريمة العصر للترامب ،وذلك من خلال استمرار التعاون الامني بين أجهزة السلطة الفلسطينية ومخابرات الجيش الإسرائيلي فما أعظم منحة هذا التعاون لدولة الإحتلال؟!

 وفي هذا السياق أكدت مصادر أمنية عسكرية إسرائيلية للقناة ١١ للتلفزيون الاسرائيلي امس ان التنسيق الامني ما زال جاري على الأرض ، بالرغم من تهديد رئيس السلطة ابو مازن في خطابه بالجامعة العربية بقطعه ، وهو الأمر الذي اعتبرته اسرائيل وحتى أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني تهديدا دوريا لا معنى له طالما بقي في إطار الخطابات والكلمات الرنانة او ما يسمى دبلوماسية الصراخ والألم ،وهو المرجح في هذه الحالة مع ان خطة ترامب حولت السلطة الفلسطينية وعلى حد تعبير الكاتبة الإسرائيلية في هآرتس عميرا هس من "مقاول بالوكالة" إلى "جارية أو أمة امنية"، وبناء على ذلك وطالما استمر تمسك النخبة الفلسطينية الحاكمة بموقعها المرفّه الحالي والقائم على أساس استمرار التعاون الامني حيث -سقوطه يعني سقوطاً لها- ،

 فمن غير المتوقع أن تخرج الامور عن سيطرة الاحتلال في الضفة الغربية ،مع الاخذ بعين الاعتبار بأن الشعب الفلسطيني قد يفاجىء الجميع ، فالانتفاضات الفلسطينية لا تطرق باب أحد بل تقتحم دون إستئذان ،والمفاجأة هي ما تخشاه سلطات الأمن والاحتلال المطمئنة من عدم وجود مؤشرات مقلقة لا قبل خطاب السيد ابو مازن ولا بعد خطابه . أما السؤال الثالث والرابع سيجيب عليه على الاغلب العرب ، فالأموال الباهظة المحتملة لتمويل صفقة العصر والبالغة ٥٠ مليار دولار تقريبا فسيتم دفعها على الأرجح من أموال نفط الخليج ، 

أما سؤال التغيرات الاستراتيجية المقلقة لإسرائيل في أعقاب الاحتجاجات الشعبية الأردنية الكبيرة والواسعة ضد ترامب وخطته الفاشلة والمحتملة على طول خط الحدود مع الأردن فمن المرجح ألا تحدث ، وستظل الأردن كما تجرأ على غير العادة بعض القادة الأمنيون في إسرائيل على وصفها بالأيام الأخيرة ( الاردن هي العمق الاستراتيجي لإسرائيل ) . هكذا تحاول خطة ترامب ان تحول الاحتلال بالنسبة لإسرائيل الى الاحلى واجمل إكتمال ،اما السؤال والتحدي الخامس والذي يمكن تسميته بتحدي قطاعات غزة الثلاثة فما زال مفتوحا ، طالما لم تنجح الخطة في نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة ومساعدة السلطة الفلسطينية على السيطرة عليها ، وهو القلق الذي أعرب عنه قائد قسم العمليات في الجيش امام رئيس الاركان كوخافي قائلا : إن تم نقل قطعتين منفصلتين بالقرب من الحدود المصرية مع غزة ، هل سنضطر للتعامل مع ثلاثة قطاعات غزة بدلا من واحدة؟ ولسان حاله يقول لم نتدبر أمر غزة واحدة فكيف مع ثلاثة؟

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023