6-2-2022
قد يكون انعقاد الدورة 31، للمجلس المركزي التابع بوضوح لأبي مازن، ولأساليبه المرفوضة، اليوم وغدا، في رام الله، هو أحد محطات الانهيار الوطني للقيادة الرسمية للشعب الفلسطيني، وانتقالها المستمر من مواجهة التهديدات والتحديات، إلى الخضوع لها، ومن السباحة في بحر الجماهير الفلسطينية، وسعة الشورى والديموقراطية، واحترام نبض الشارع الفلسطيني، إلى قنوات التعاون الأمني مع دولة التطهير العرقي، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، منذ النكبة وحتى الآن، وكذا الاندفاع الأعمى في دهاليز الصفقات المظلمة، التي تعزز سطوة وسيطرة طغمة مقربة من الزعيم الأوحد، على مقاليد حركة فتح الكبيرة، ومنظمة التحرير العريقة، ولنزعهما من سياقهما وتاريخهما ومبادئهما النضالية، التي قادت الشعب الفلسطيني كله ردحاً من الزمن.
إن الإصرار البغيض على عقد المجلس المركزي، بشكل متفرد ودون أي ضمانات وطنية واسعة، لما سيتخذه من قرارات، وأهم من ذلك فقدان ثقة الجماهير والفصائل المناضلة، باحتمالية تطبيق ما سيتم رفعه به من شعارات وقرارات متكررة، كوقف التنسيق الأمني وتجميد الاعتراف باسرائيل وغيرها، من إجراءات ومقولات للاستهلاك الإعلامي على الأرجح، إنّ هذا الإصرار إنما يعني أيضاً، أن الرئيس أبو مازن، قد قرر نهائياً تعزيز صورة حقبة حكمه للشعب الفلسطيني، كأسوأ فترة من فترات النضال الفلسطيني على مدار التاريخ، حيث الانقسام وهدم الوحدة الوطنية والتفرد والتسلط في الحكم، دون رقيب أو حسيب، وقمع المناضلين والمعارضين والفساد، وإهدار طاقات وموارد الشعب الفلسطيني، لمصلحة الاستمرار في عناق المحــ ـتل، وتقديس التنسيق الأمني والرضا بالعيش تحت بساطير الاحتــ ـلال.
إنّ الشعب الفلسطيني العظيم، وخصوصاً حركة فتح المناضلة، والتي قدمت الآلاف من الشهــ ـداء والأسرى والجرحى، وما تزال تفعل ذلك حتى الآن، ليستحقان أفضل من هذا بكثير، ومن المفترض أو المأمول أن يكون لجماهير وأبناء فتح المناضلة، رأيٌ فيما يحصل، فلا يعقل أن يتم عزل المناضلين، أو معظمهم من مفاصل القيادة، ويتم تقديم من يرضى بالوضع القائم الكريه، وإلا فإن شعبنا سيدفع ثمناً باهظاً بصورة أكبر غداً، وأضعاف ما سيدفعه لو "تم الإصلاح" اليوم.
إنّ مصلحة الشعب الفلسطيني اليوم، تتطلب الكثير من الحكمة، وأيضاً الكثير من الشجاعة والجرأة، في قول الحق، وإظنهار الحقيقة فاللعبة على فتح والمنظمة، أصبحت مكشوفة والمراقبون يجمعون بأن المركزي هو هامشي وطنياً، ومركزي في ترتيب البيت الفتحاوي والفلسطيني، بما يخدم الوضع القائم التعيس.
إن "إعطاء "المركزي فرصة أخرى، لعله يتذكر أو يعود للحضن الوطني الفلسطيني، هو ضربٌ من ضروب الجنون والغفلة د، فكل المقدمات تشير إلى أن هذه الدورة "31"، لن تكون أفضل من سابقاتها، بل على العكس ستكون أسوأ منها بكثير، لأنها تعطي الشرعية القانونية والوطنية لما يجري على الأرض، كما أن إهمال مركزي أبو مازن، تطبيق قراراته، والتي بدت وطنية وجذابة في العام 2018، ولامبالاته بحضور قوى وطنية فلسطينية وازنة بل حاسمة، في مواجهة تهديدات الاحتــ ـلال والاستيطان الداهمة، وتراجع أهمية القضية الفلسطينية، بل الاختراق الإسرائيلي إقليميا ودوليا، قوى كحركة المقــ ـاومة الإسلامية حمـ ــاس، والجهــ ـاد الإســ ـلامي، والجبــ ـهة الشعبية، وغيرها، كل هذه مؤشرات واضحة على الفشل المركزي لأبي مازن وسياساته.
إنّ الاستنتاج المنطقي لما يحصل، ويمثله موضوع انعقاد المركزي، أنه لا يعقل أن تبقى قوى وفصائل الشعب الفلسطيني الحية، والمقـ ــاومة، وكذلك قضايا الوطن الحارقة كالقدس والاستيطان والأسرى، أسيرة بيد سياسات الرئيس أبو مازن، المخالفة لكل منطق وطنيّ وديموقراطي، وقد يكون الأوان قد آن لتشكيل شراكات جديدة، أو ما يشبه الجبــ ـهة الوطنية والشعبية الموحدة، التي تهدف لتعديل البوصلة واستعادة منظمة التحرير، وتحريرها من أسر السياسات الكارثية للقيادة الرسمية، والمضي قدماً في مواجهة الاحــ ـتلال والاستيطان على أسس وطنية وديموقراطية.