بعد جولة الكورنيت :
هدوء في غزة و تصعيد في الكابينت و سديروت
بقلم ناصر ناصر
لم تلبث الحرب التي اندلعت بضرب الكورنيت لباص الجنود شرق جباليا كرد من المقاومة على اختراق القوات الخاصة الاسرائيلية لاتفاق التهدئة ، و اعتدائها على منطقة شرق خانيونس ، أو ما عرف بعملية الفلوكس فاجن ان تضع أوزارها، بوساطة مصرية وأممية حتى اندلعت حرب من نوع آخر ، حيث قامت جماهير اسرائيلية غفيرة في سديروت و الجنوب باشعال الاطارات الحارقة وإغلاق الشوارع الرئيسية و ترديد هتافات ضد وزراء الكابينت الاسرائيلي و على رأسهم نتنياهو ، متهمين اياهم بالضعف امام حماس في غزة ، إضافة الى تبادل الاتهامات بين وزراء الكابينت أنفسهم .
لم يستوعب الشارع الاسرائيلي الذي يضلله السياسيون بقدرات اسرائيل الخارقة ( و الحارقة و المتفجرة ) ان تنتهي جولة الكورنيت بهذا الشكل و بهذه الطريقة ، فهل يعقل اسرائيليا ان تبادر حماس و فصائل المقاومة الفلسطينية بجولة مواجهة " سميت على نطاق واسع بجولة الكورنيت " ، تطلق خلالها اكثر من 460 صاروخا و قذيفة هاون على مستوطنات غلاف غزة ، و تدمر فيها مبنا في عسقلان و تترك قتيل وعشرات الجرحى و المنازل الاسرائيلية المهدمة ، و تدخل مئات آلاف الاسرائيليين للملاجىء و تعطل حياة المواطنين في اسرائيل لمدة حوالي 48 ساعة تقريبا ، ثم تقوم هي بنفسها باعلان وقف النار و موافقة الحكومة الاسرائيلية على ذلك ، ان هذه الصورة لا تلائم الذهنية التي زرعها الاحتلال العنصري في عقول أبناء شعبه .
لقد تناولت وسائل الاعلام في اسرائيل و على نطاق واسع تجدد الاتهامات بين وزراء الكابينت ، ولكن بصورة أكثر حدة ، حيث اتهم ليبرمان رئيس الوزراء نتنياهو( باللف و الدوران ) من خلال قوله ان قرار الموافقة على وقف النار في غزة جاء بالاجماع ، مع ان كل التقارير تشير الى عدم حصول أي نوع من التصويت ، و ترجح ان ما حصل هو تلخيص من نتنياهو للقرار بالموافقة على توصية المستوى العسكري مع سكوت الحاضرين من الوزراء وعدم تعليقهم ، مما سمح باندلاع حرب الاتهامات فور انتهاء الجلسة .
تميزت هذه الحرب هذه المرة ( بتطاول ) بعض الوزراء على الجيش ( المقدس ) متهمين قادته بضعف الروح الهجومية ، و بعدم عرض أو اقتراح بدائل أخرى سوى وقف الناروالقبول بعروض الوساطة ، متناسين عمدا و متهربين قصدا من مسؤوليتهم القانونية و المنطقية عن انعدام وجود سياسة و استراتيجية واضحة اتجاه قطاع غزة ، عدا عن سياسة الهدوء مقابل الهدوء .
من غير الواضح ما هي المآلات المحددة لهذه الحرب الداخلية المتصاعدة في اسرائيل ؟ فهل سيقوم ليبرمان أو بينت بتقديم استقالتهم كما يتوقع البعض ؟ و هل سيسفر ذلك عن تقديم موعد الانتخابات من 5-11-2019 الى بداية السنة ؟ و الى أي مدى سيؤثر ذلك على مسار اتفاق التهدئة ؟ و هكذا فقد استطاع الفلسطيني و مقاومته في غزة ارباك الاحتلال و تحقيق انجاز آخر على طريق الحرية و الاستقلال .