بقلم: ناصر ناصر
28-3-2022
جاءت قمة بن غوريون-النقب 28/3/2022، بين وزراء خارجية ستة دول، هي الولايات المتحدة، و"إسرائيل"، ومصر، والمغرب، والإمارات، والبحرين، لتحقيق أهدافٍ من أهمها إيران، بشقيها: إيران النووية، والاتفاق مع الغرب، وهو الشق الأكثر أهمية لـ "اسرائيل"، والنفوذ الإيراني في المنطقة، وهو الشق الأهم للدول العربية، وأيضا، تشارك به "إسرائيل"، ومن أجل إظهار جبهة موحدة أمام إيران، وحتى أمام الموقف الأمريكي تجاه الاتفاق النووي، وتفاصيله كالحرس الجمهوري، وغيرها، ولتحقيق هدف آخر، هو التعامل من أجل تداعيات الأزمة الأوكرانية، ويشمل تعاون اقتصادي وأمني وبيئي، وغيره.
أما الهدف الخفي، فهو استمرار تهميش القضية الفلسطينية، واستمرار سياسات الاحتــ ـلال والاستيطان، ضد الشعب الفلسطيني، وهي قمة هامة في توقيتها ومكانه، وشخوص المشاركين فيها، على الأقل، من ناحية الرأي العام، وفي الذاكرة العربية والإقليمية والدولية، ثم جاءت عملية الخضيرة، التي نفذها 2 من فلسطينيي الداخل، المحسوبين على داعــ ـش (الفكر والأيدلوجيا أو التنظيم)، فهل وكيف أثّرت هذه العملية، على قمة النقب-بن غريون د؟
حضرت عملية الخضيرة، القمة من خلال خطابات وزراء الخارجية الستة، حيث أدانها جميع الحاضرين، وقد أشار وزير الخارجية الإسرائيلي لبيد، بأنّ حمــ ـاس والجهــ ـاد الإسلامي، يعتبرانها رسالة لقمة النقب، وأن الوزراء، لن يسمحوا للعملية أن تأثر سلباً، على تعاونهم وشراكتهم، ودعا أيضا، الفلسطينيين بأن يكونوا شركاء في التعاون، لا شركاء في الإرهــ ـاب، من الممكن بأن كون هوية منفذي العملية، من داعــ ـش، قد زاد الشعور بالتهديد المشترك، فداعــ ـش تضرب في كل مكان، أو أنها عززت وحدة المصير، في مواجهة أيديولوجيا عمليات داعــ ـش الفتاكة.
من جهة أخرى، وإذا تم وضع العمليات، في سياق موجة العمليات الفلسطينية الأخيرة، ضد الاحتــ ـلال، والتي بدأت بعملية الطــ ـعن في حزما 2/3/2022، ثم عملية أخرى في حزما 3/3/2022، ثم عملية 6/3/2022، ثم عملتي 7/3/2022، ثم عملية 19/3/2022، ثم 20/3/2022، ثم 22/3/2022، ثم الخضيرة 27/3/2022، إذا تم وضع عملية الخضيرة، في هذا السياق، فمن الصعب القول، بأن مقــ ـاومة الفلسطينيين، بعكس سلطتهم المهادنة والمساومة، أنها لم تؤثر على القمة، وقد تكون إشارة بلينكن، وبقية الحاضرين بموضوع حل الدولتين، دون اشتراطات، هو نوع من الاستجابة لهذه المقــ ـاومة، فلا يمكن أن يغمض العالم عينيه، أو أن يتعامى عن قضية الشعب الفلسطيني، المستعرة بممارسات الاحتــ ـلال الغاشم، وردود الشعب الفلسطيني المقــ ـاوم.
وفي سياق عملية الخضيرة، يُلاحظ بأن داعــ ـش الفلسطيني، قد ركزوا أعمالهم ضد أهداف إسرائيلية، أو ضد (الصهــ ـيوني الكــ ـافر)، وليس ضد (الفلسطيني الكــ ـافر)، كما فعلوا في دول عربية وإسلامية أخرى، فهل هو تغيير في الأيدلوجيا؟ وهذا مستبعد، أم تغيير في التكتيك، تفرضه ظروف الاحتــ ـلال الإسرائيلي لفلسطين؟ وهو الأرجح، وبناءً على ذلك، فهل يمكن وضع نشاط داعــ ـش إن استمر في استهداف المحــ ـتلين دون الفلسطينين، نشاطاً وطنياً فلسطينياً؟
أم ستبقى وصمة الأيدلوجية القاتلة، والرفض العالمي الجارح، ملتصقةً برجال هذا التنظيم؟ ولن تسعفهم عملياتهم ضد المحــ ـتلين، لأن موقفهم النظري ما زال جذرياً ضد العمل الوطني الفلسطيني؟ أو أن ظاهرة داعــ ـش، لم تلبث إلا أن تختفي، من الأراضي الفلسطينية المحــ ـتلة عام 48، كما انتهت في الضفة الغربية والقطاع، بصورة كبيرة جدا؟ مع الفارق في الظروف، وهذا ما يميل الغيه كاتب هذه السطور، وهو بحاجة إلى مقال خاص.
يمكن القول، بأن خطابات القمة، إن عبرت عن ما جرى في الغرف المغلقة، فهي إنجاز معين لإدارة بايدن، أكثر منها انجاز للإسرائيلي أو العربي، فقد تم التركيز في ما يبدو، على موضوع التطبيع والتعاون الاقليمي، أكثر مما تمّ التركيز على التهديد الإيراني، أو الحرس الجمهوري، أو الاتفاق النووي، ويبدو بأن الموقف الأمريكي هنا، لم يتغير كثيراً، إن تم ذلك، فهذا مقدمة ضرورية بالنسبة للأمريكان، لإعداد الأجواء لاستيعاب حلفاء أمريكا، في المنطقة، للاتفاق الأمريكي المتوقع مع إيران، وعليه قد تكون إدارة بايدن، هي الرابحة الأكبر، من عقد هذا الاجتماع.