بقلم: ناصر ناصر
24-4-2022
الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك هي أوضاع مركبة ومعقدة وليست سهلة، فمن جهة؛ نلاحظ موضوع تصاعد الهجمة على الأقصى من قبل حكومة وأمن ومستوطني الاحتلال، ومن جهة أخرى؛ ينجح الفلسطينيون في تصعيد مقاومتهم الباسلة؛ دفاعاً عن رمز كرامتهم وكرامة الأمة العربية والإسلامية وهو "المسجد الأقصى".
فهل تكفي هذه المقاومة رغم بسالتها، وما حققته من نقاط إنجاز في مجال ردع الاحتلال ومعركة الوعي ومجالات أخرى في وقف هذه السياسة؟ أو في الحد منها؟.
وهل أدت إلى منع "إسرائيل" من التلاعب أو المس في الوضع الراهن التاريخي المعروف في المسجد الأقصى؟
أم أن "إسرائيل" الشر والعدوان تنجح هي أيضا في كسب نقاط مهمة لصالحها حول الأقصى؟
أشرت في -مقالة سابقة- إلى ستة إنجازات حققتها مقاومة الشعب الفلسطيني في نسختها الأخيرة من العام 2022، وهنا لا بد من الإشارة إلى نقاط بحاجة إلى تقوية، وهي أمور ما زالت تنقص عملية الدفاع عن المسجد الأقصى كبؤرة صراع تمثل جوهر العملية الجهادية والنضالية للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، والذي يتقدم باستمرار في عملية عدوانه وتهويده للقدس وسائر أنحاء فلسطين، وقد نجح هذا العدوان مستغلاً الضعف العربي والانقسام الفلسطيني في المس بالوضع الراهن للأقصى، من حيث الإدارة الدينية والأمنية للأوقاف وتزايد أعداد وشراسة المقتحمين الغزاة للأقصى.
تتعلق المسألة الأولى: بمستوى التكاتف والتضامن والتلاحم بين الساحات النضالية المختلفة وتحديداً (ساحة الضفة، وغزة، والداخل الفلسطيني المحتل منذ العام 1948، والخارج) -فحتى لحظة كتابة هذه السطور- يمكن القول أن مستوى الدعم والكفاح من أجل الأقصى خصوصاً، ولردع الاحتلال عموماً، لم يصل إلى مستواه الممكن والمطلوب.
وهنا نتحدث عن محاولة تحقيق هدف وقف الاعتداء، وليس هدف التحرير، ومن الممكن أن يرتقي هذا الكفاح إلى مستوى أعلى في الأيام والأسابيع القادمة، وهي عادة الشعب الفلسطيني في التصعيد والمقاومة، ولكن حتى هذه اللحظة لم تقم (مدن، وقرى، ومخيمات الضفة الغربية) بما يقع على عاتقها؛ فالمطلوب أكثر من التوجه للصلاة والتواجد في الأقصى، والاشتباك داخل الأقصى دفاعاً عنه، بل تصعيد المقاومة في هذه المنطقة الحساسة للاحتلال.
أما غزة التي تقود المقاومة في هذه المرحلة، وتقدم التضحيات والبطولات فيمكنها أن تفعل أكثر في مجال الضغط على الاحتلال، وميزتها أنها لا تفتقر إلى العقول المجربة، والإرادة الفولاذية لفعل ذلك، وأعان الله غزة على أحمالها الثقيلة، ولكن هذا قدرها المشرف العزيز.
أما الداخل الفلسطيني فلم يصل بعد إلى مستوى نموذج سيف القدس، فالداخل يستطيع أكثر دون المس بسياساته النضالية وظروفه الخاصة، وهنا لا يتم التعويل على مواقف من يشارك في الائتلاف الحكومي، ويستطيع أن يفعل ولكن يمتنع بسبب أولوياته التي يقف على راسها ميزانيات للمزيد من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي.
أقول: "لا نعول ولكن نبقى نأمل في كل فلسطيني أصيل".
أما الساحة الخارجية فيبرز فيها ضعف مستوى الدعم والكفاح لمعركة الأقصى المستعرة هذه الأيام، فطاقات شعبنا الفلسطيني ومحبيه وأنصاره حول العالم أكبر بكثير مما تعطيه هذه الساحة حالياً، ولست هنا في معرض توزيع العلامات على المناضلين في كافة الساحات، ولكن كلمة للتذكير والإشارة فكل الفلسطينيين جسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الجميع بالحمى والسهر، فكيف إن كان هذا العضو هو القلب (هو الأقصى)؟.
يمكن القول بأن معيار المستوى المطلوب للنضال من أجل الأقصى هو ردة فعل المحتل الإسرائيلي، ومدى تغييره لسياساته العدوانية، وهي تبدو للمراقب المتابع أنها ردود فعل محدودة، وكأنها تحت السيطرة تحت الآن .
ومن جهة أخرى يظل الانقسام الفلسطيني وموقف السلطة الفلسطينية وعلى رأسها ابو مازن العقبة الأهم في وجه ارتقاء النضال الوطني الفلسطيني لمستوى المرحلة الحالية والتي يمثلها تحديداً الدفاع عن المسجد الاقصى المبارك ومواجهة الاستيطان.