ماذا دار في جلسة الخميس للكابينت الاسرائيلي ؟
بقلم ناصر ناصر
كان من المقرر ان تناقش جلسة الخميس تطورات المحادثات حول التهدئة مع غزة ، و ذلك قبل ارتكاب الجيش لخطأ أو حماقة قتل اثنين من نشطاء القسام أثناء تدريبات عسكرية في موقع عسقلان في مخيم جباليا الثلاثاء 7-8 ، مما أشعل المواجهة العسكرية من جديد و خلط أوراق اللعبة من جديد ، فاضطر الكابينت لمناقشة أربعة أسئلة رئيسية على الأرجح و هي على النحو التالي :
أولا – ما هو الرد الاسرائيلي على ضربات المقاومة ؟ لم يقترح أحد من أعضاء الكابينت وفق كبار المراسلين السياسيين الاسرائيليين احتلال غزة أو حتى الدخول في مواجهة عسكرية واسع تتضمن حرب برية شرسة ، و ذلك بعدما سمعه الوزراء من تقارير أمنية قدمها الجيش و استعرضها للوزراء حول التكاليف الباهظة و الخسائر البشرية الكبيرة التي سيدفعها الجيش ، كالقتل و الاسر و نحو ذلك ، و من اللافت ان شخصيات اليسار ( الحمائم ) هي من يطرح و من باب المزايدة على الارجح ضرورة حسم حماس عسكريا و سياسيا .
لقد ناقش الكابينت مسألة الردود العسكرية التكتيكية لاحتمالية استمرار ضربات المقاومة . و كان التوجه بقبول إعلان فصائل المقاومة في غزة وقف النار ظهيرة الخميس حتى جاء صاروخ بئر السبع في غير سياقه مما أدى لإقرار الكابينت ضربات إضافية تبين بعد ذلك أنها رمزية و تتعلق بالصراع على الوعي و الذاكرة و هذا ما مثله تدمير مبنى المركز الثقافي في مدينة غزة .
ثانيا – ناقش الكابينت أيضا مسألة هل يجب أن توفق اسرائيل على وقف النار المتوقع دائما في هذه الحالات ؟ و يبدو بوضوح أن القرار كان بنعم ، و ذلك في ظل خيارات الاحتلال المحدودة أمام غزة . أما السؤال الثالث فقد كان يتعلق بمسألة جهود الاتفاق الواسع التي يقودها المصريون و الأمم المتحدة ، و تشير التقارير الأولية بأنه تم تأجيل النقاش في هذه المسألة الى حين تثبيت وقف النار الجزئي و المحدود حاليا ، و حتى لا يؤثر ذلك في معنويات القادة و الجمهور في اسرائيل كمن يبدو أنهم يتنازلون أو يتفاوضون تحت نار المقاومة الفلسطينية .
أما عن السؤال الرابع فهو الأسهل و يقع بالدرجة الاولى تحت مسؤولية مكتب رئيس الوزراء نتنياهو ، ماذا تقول للاعلام و ماذا نصدر من مواقف ، فمعركة الاعلام و الصراع على الرأي العام ، و على الوعي و الذاكرة لا تقل أهمية عما يجري على أرض الواقع من معارك صاروخية .
و قد كان البيان مقتضبا و صقوريا لا يعكس الواقع أو الموقف الاسرائيلي الحقيقي بقبول وقف النار ، بل ضرورة استمرار الجيش في ضرباته القوية للمقاومة في غزة .
و هكذا يمكن القول أن أسئلة الكابينت ما زالت تكتيكية صغيرة و لا تتلائم مع وظيفته كمن يناقش و يحدد السياسات العامة و الاستراتيجيات الكبرى ، تاركا التكتيكات العملياتية للمستوى المهني – الجيش ، و قد تكون هذه هي أحد أهم أشكال ضائقة اسرائيل التي فرضها الشعب الفلسطيني و مقاومته في غزة .