زادت دولة الاحتلال العنصري من هجماتها ضد أهداف إيرانية في كل مكان، -وخاصة داخل إيران- والأمثلة كثيرة، ولكن هذه الهجمات وإن تصاعدت بوضوح، إلا أنها تبقى في إطار حروب "إسرائيل" الجديدة المسماة (المعركة ما بين الحروب "مبم")، والتي تتضمن عمليات قوات خاصة واغتيالات وطائرات بدون طيار وقصف محدود وغيرها من الأساليب والأدوات، ومن المرجح ألا تنتقل "إسرائيل" من حرب "مبم" إلى حرب واسعة ومباشرة مع إيران أو مع حزب الله في لبنان، لأسباب من أهمها:
أولا: من الناحية السياسية الداخلية وهي الاعتبار الأهم في قرارات زعماء صهيون، فإن "إسرائيل" التي تقف على أبواب انتخابات خامسة خلال سنتين ونصف، ستجري على الأرجح في 1/11/2022، ليست بحاجة إلى حرب واسعة ومباشرة خلال الفترة القريبة القادمة، بل يكفيها ويكفيها جداً حروب "مبم"، حيث الضربات والتبجح والمزايدات دون أن يدفع السياسيون ثمناً مباشراً أو كبيراً لأفعالهم، عدا عن الثمن الاستراتيجي البعيد المدى، وهو زيادة الإصرار الإيراني على بناء مشروع سياسي وعسكري متكامل الأركان في المنطقة، ويتضمن النووي والنفوذ الإقليمي.
ثانيا :من الناحية العسكرية، فإن "إسرائيل" ليست جاهزة لحرب كبيرة واسعة ومباشرة مع إيران أو حزب الله، والحديث عن عدم استعدادية الجبهة الداخلية في "إسرائيل" على وجه التحديد لاستقبال عشرات آلاف الصواريخ يومياً، هو حديث واضح ويتصاعد في "إسرائيل "، وهذا لا يعني أن قدرة "إسرائيل" التدميرية الهائلة قد تراجعت والعكس هو الصحيح، فهي قادرة على التسبب بدمار هائل جداً خاصة للبنان، ولكنها تعلم أنها لن تستطيع القضاء على البنية التحتية العسكرية لحزب الله من جهة؛ والمشروع الإيراني النووي من جهة أخرى، كما أنها ستدفع ثمناً باهظاً في جبهتها الداخلية قد لا تستطيع تحمله.
ثالثا: سياسيا ودولياً، فإن من المرجح أن زيادة التهديدات والهجمات الإسرائيلية ضد إيران وحزب الله، تأتي في إطار الضغط على إدارة بايدن، لضمان خطة عمل حقيقية وجدية من الإدارة الأمريكية ضد المشروع الإيراني في المنطقة؛ وهذا ما تقوم به -أيضاً- دول كالسعودية والإمارات أيضاً، فالصراع سياسي بالدرجة الأولى ولكنه يستخدم أدوات اقتصادية وعسكرية، وهذا ما قد يفسر محاولات السعودية وإيران فتح صفحة جديدة في علاقتهما، وكذلك استمرار علاقات التجارة والأعمال بين الإمارات وإيران.
بقيت الإشارة إلى أن تقديرات الإدارة الأمريكية كما وردت في هآرتس 22/6، تستبعد نشوب حرب بين إيران و"إسرائيل"، لذا فهي تغض الطرف بل قد تتعاون مع"إسرائيل" في حروبها "مبم" ضد إيران، كبديل عن الحرب الواسعة، وما تهديدات غانتس ضد لبنان، إلا جزءً من حرب "مبم" الإسرائيلية.
ويبقى السؤال الأهم هل تبادر إيران أو حزب الله لحرب كبيرة ومباشرة ضد "إسرائيل"؟ أم ينتظران فرصة أو جولة قتالية بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل" حول الأقصى على سبيل المثال، لدعم المقاومة وتدفيع "إسرائيل" أثماناً باهظة لعدوانها ضد إيران؟
أن تبادر إيران أو حزب الله مباشرة فهذا أمر مستبعد على الأرجح، لأنه لا يتفق مع مصالحهما في تعزيز نفوذهما أو الحفاظ على قوتهما في المنطقة، أما أن تدعم المقاومة الفلسطينية في جولتها القتالية القادمة ضد "إسرائيل"، فهذا هو الأمر الأكثر فعاليةً ونجاعةً في خدمة المصالح الإيرانية في المنطقة، فهل تفعلها إيران وحزب الله؟
هذا ما يرجوه أحرار الشعب الفلسطيني في الفترة القادمة، وتخشاه دولة الاحتلال وحلفائها في المنطقة.
23-6-2022