التهدئة في غزة بين مصر واسرائيل وابو مازن
بقلم ناصر ناصر
لاعبين مركزيين هما مصر واسرائيل وثالث ثانوي وهو الرئيس ابو مازن هم من يتحكم في مدى تقدم عملية تخفيف الحصار وكسره عن الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة والتي تم انجاز المرحلة الاولى منها وهي وقف اطلاق النار وما يمكن اعتباره فعاليات شعبية عنيفة على حدود القطاع في مقابل تسهيلات اقتصادية وانسانية محدودة للقطاع ووعود بالتقدم نحو كسر الحصار عن غزة , لقد تم ذلك بفضل اجتماع مصلحة اللاعبين المركزيين مع مصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة وذلك على الرغم من موقف الرئيس ابو مازن الرافض لذلك الامر قبل " تمكنيه " من السيطرة الكاملة على القطاع .
تواجه المرحلة التالية من عمليه التهدئة وكسر الحصار تباطؤا ملموسا وذلك بسبب اختلاف المصالح وارتباكها بدل لاعبين المركزيين وليس بسبب حدوث اي تغيير في موقف اللاعب الثانوي اي ابو مازن والذي يظهر ويعلن باستمرار موقفا ثابتا راسخا لا يتزحزح بالتمكين اولا قبل اي تقدم في اي موضوع يخص غزة انسانيا كان ام سياسيا.
تبدو مصلحة حكومة الاحتلال بالتباطؤ ومحاولة كسب المزيد من الوقت واضحة وذلك بعدما حققت – وان مرحليا - مصلحتها الاساسية في وقف التصعيد الواسع , وهي تسعى الان لحل مشكلة الجنود المحتجزين في غزة والمتفاقمة بسبب ضغوطات عائلات الجنود وما يلاحقها من استغلال حزبي على يد اليمين الاستيطاني بدعامة الوزير نفتلي بنت والوزيرة ايليت شكيد وخاصة في اجواء التحضير لانتخابات الكنيست القادمة والمتوقعة في النصف الاول من العام 2019 , وفي هذه الاثناء لا بئس اسرائيليا ان يتم السعي لتحقيق مصلحة اسرائيلية واقليمية من الدرجة الثانية وهي محاولة اشراك الشريك الامني الطبيعي لاسرائيل وهو الرئيس ابو مازن ليشرف على عملية التقدم في التهدئة وما يرافقها من مشاريع اقتصادية , فاسرائيل ما زالت تعتبر ابو مازن الخيار المفضل على حماس على الرغم من كل اشكاليته مع ان تقديراتها تشير الى عدم نجاح ذلك , هذا الموقف الاسرائيلي مسقوف ومحدود بمنع التصعيد نتيجة انهيار انساني في غزة.
بالنسبة للمصلحة المصرية فهي تكمن بالاساس في ظهور مصر بمظهر " الناضج والمسؤول " والحريص على استقرار المنطقة والاقليم بما في ذلك امن اسرائيل وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني من خلال المصالحة دون التركيز على مصالحها الخاصة الاقنصادية منها او السياسية لتعزيز علاقتها مع الادارة الامريكية وتعزيز نفوذها الاقتصادي في غزة للقضية الفلسطينية بشكل عام.
من المعقول القول ان قراءة المصلحة المصرية للتقدم نحو بقية مراحل التهدئة تشير انها تتطلب التباطؤ وعدم الاسراع لتحقيق مزيد من الضغط على الاطراف لان ذلك قد يحقق لمصر المزيد من المصالح , فهي لا توافق كما ذكرت الكثير من التقارير على التوجهات لاقامة ممر مائي مع قبرص لصالح غزة ولانها لا تفضل التصريح بذلك فيمكنها ان تتبرع وبسهولة لمسألة المصالحة وبموقف ابو مازن من الموضوع , وحتى هذا الموقف المصري فهو مسقوف ومحدود لمصلحة اسرئيل والاقليم الا تنهار غزة او تصل الى مواجهة عسكرية واسعة مع اسرائيل .
من اللافت ايضا تلاقي مصالح كل اللاعبين في ان يكون الخطاب الاعلامي لهم جميعا مؤكدا ومظهرا ومحملا المسؤولية في عدم التقدم في مسار التهدئة وكسر الحصار لرئيس ابو مازن : فاسرائيل تتملص بهذا وان شكليا من المسؤولية وتقول لاهل غزة " مشكلتكم مع ابو مازن فلا تصعبو نبضي " , أما مصر فمن غير المعقول ان تظهر بمظهر المعطل بسبب بعض مصالحها الخاصة في مقابل هذا فان ابو مازن حريص اشد الحرص ان يظهر " قدراته العالية " امام شعبه في غزة , أما المقاومة الفلسطينية في غزة فليس من السهل عليها اتهام مصر بل التركيز واتهام اسرائيل وابو مازن .
وفي كل الاحوال تبقى الورقة الاقوى في هذا الاطار هي ثبات وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة واستعدادهما لتقديم المزيد من التضحيات ولخوض المزيد من المعارك المحدودة والواسعة وتدفيع الاحتلال اثمان باهضة لحصاره واحتلاله وذلك من اجل نيل ابسط حقوق الفلسطيني للعيش بكرامة دون خنق او حصار , لهذا يملك الشعب الفلسطيني في غزة امكانية تحريك مصالح اللاعبين المركزيين نحو التقدم باتجاه كسر الحصار عنه في غزة .