هل نجح ابو مازن في تعطيل التقدم نحو ترتيبات رفع الحصار عن غزة ؟
بقلم ناصر ناصر
يثير التأخر الملموس في التقدم بعملية رفع الحصار الخانق عن قطاع غزة ، و التي مرت مرحلتها الاولى بنجاح معين ، و هو وقف البالونات الحارقة و اختراق السياج الفاصل ، في مقابل التوسع المحدود في الحركة على المعابر و توسيع منطقة الصيد ، و كان من المفترض ان تستمر باتجاه حل مشكلة الكهرباء و الرواتب و مشاريع تشغيلية أخرى ، أثار هذا التأخير جملة من التساؤلات . ما هي أسباب التأخير ؟ و هل يتلخص الامر بالرئيس ابو مازن و موقفه القاضي بالتمكين أولا ثم التخفيف عن غزة ثانيا ؟
لقد كانت مصلحة الاطراف واضحة تماما و قوية بما فيه الكفاية لتجاوز الموقف الأصلي و المعلن لابي مازن ، فلقد تم فعلا وقف النار مقابل تسهيلات محدودة ووعود بتوسيعها ، أما الاستمرار في التقدم في بقية مراحل الترتيبات فإن مصالح الأطراف فيها أقل ، بل قد تتوافق مع مصلحة ابو مازن في التعطيل الكامل ، و يستثنى من ذلك مصلحة الشعب الفلسطيني في غزة و القاضية بضرورة الاستمرار في عملية فك الحصار عن قطاع غزة .
فحكومة الاحتلال -على سبيل المثال -و هي اللاعب المركزي الاهم في مسألة الترتيبات أو الاتفاق ، تخضع لضغوطات كبيرة داخلية تجعل من مصلحتها التباطؤ و تأخير التقدم في عملية التخفيف عن غزة ، خاصة و انها أزالت عن كاهلها الخطر الاول و المباشر من خلال وقف النار مع غزة ، فاليمين الاستيطاني برئاسة الوزير بينت نجح الى حد ما باستغلال ضغوطات عائلات الجنود المحتجزين في غزة و المطالبة بربط أي تقدم بإعادة الجنود ، من أجل تعزيز موقفه ( الملتقي و المتوافق تكتيكيا ) مع موقف الرئيس ابو مازن و الرافض و المعطل لأي تقدم إضافي مع قطاع غزة ، مع الاشارة الى احتمالية تغير هذا الموقف في حالة حصول تقدم في عملية تبادل الاسرى ، و هذا ما يبدو مصلحة لنتنياهو و إن جزئيا في هذه المرحلة .
أما المصريون فخيارهم المفضل هو تقديم خيار ابو مازن في غزة على أي خيار آخر ، فهو الرئيس الشرعي في نظر الجميع و على رأسهم أمريكا و اسرائيل ، و هو الشريك الحقيقي أمنيا لكل أطراف الاقليم و العالم . و هو الأقرب اليهم سياسيا و فكريا من حركة حماس التي و رغم مرونتها ما زال يلاحقها ظل علاقتها ( الفكرية ) بحركة الاخوان المسلمين المصرية . و لكن على الارجح لن يكون ذلك الى درجة المس بمصلحة الاقليم القاضية بعدم اندلاع حرب واسعة بين اسرائيل و غزة ، و التي تمر بالضرورة بعلاقة اضطرارية مع حركة حماس في قطاع غزة .
قد يبدو للناظر للأمور بشكل سطحي ان ابو مازن ومن كثرة ما هدد و توعد قد نجح وحده في وقف ( مؤامرة دولية ) لتخفيف حصاره و حصار اسرائيل على قطاع غزة ، و لكن الناظر للامور بشكل أكثر عمقا يجد ان مصلحته قد توافقت مرحليا مع مصلحة ( حيتان الاقليم ) ، و قد يزول الارتباك على الارجح عندما تتغير مصالح أولئك الحيتان دون تغير ( موقف ابو مازن -على الارجح -في التعطيل ) و ذلك مع بوادر أول تصعيد واسع على شكل تبادل للضربات و اللكمات بين المقاومة و الاحتلال ، و قد بدأت هذه العملية في مسيرة العودة الأخيرة .