خليل جبارين شاب أم ولد
بقلم ناصر ناصر
أصرت الصحفية الاسرائيلية مقدمة برنامج إخباري رئيسي في راديو اسرائيل ، "استي بيريز" و المتهمة أحيانا أنها مركز يسار ، أو بشكل أدق غير مؤيدة لنتنياهو ، أصرت على تعديل وصف أحد شهود العيان للمهاجم الفلسطيني خليل جبارين ، و الذي قام ووفق المصادر الاعلامية بعملية طعن المستوطن الامريكي " آريه فولد "، و من وصفه وزير الكابينت بينت ببطل اسرائيل ، لخبرته الامنية و دفاعه المستميت عن مشروع الاستيطان ، أصرت ان يصفه الشاهد بالشاب ( بحور تسعير ) و ليس ولد ، يبلغ من العمر 16 عشر عاما .
فلماذا فعلت ذلك ؟ قد يبدو الامر عابرا ، لكنه يحمل الكثير من المعاني ، و من أهمها : تجند هذه الصحفية التي تمثل التوجه العام و المركزي في الاعلام الاسرائيلي لخدمة قضايا و أهداف دولة الاحتلال في مواجهة الشعب الفلسطيني المحتل ، فاصرارها على وصف خليل بالشاب يدل على حرص إعلام الاحتلال على القضاء على أي احتمالية للتعاطف مع منفذ العملية ، فكلمة ولد و هي وصف يتوافق مع المعايير الاسرائيلية في النظرة الى الاطفال و الاولاد قد يجلب بعض التعاطف من الرأي العام ، أو يخفف من تحميل المسؤولية ، أما وصفه بالشاب فعلى العكس من ذلك تماما ، وهو يبرر ايضا إطلاق النار عليه من قبل ثلاثة أسلحة ، أو حكمه بالسجن المؤبد أو حتى المطالبة باعدامه .
هكذا يحرص الاعلام الاسرائيلي على مشاركة الرأي العام مشاعره الشعبوية حتى و إن كانت الحقيقة هي الثمن ، و مع ذلك يبدو ان المحاولة لوصف خليل بالشاب و ليس ولد لم تستطع ان تصمد أمام كثرة التقارير و الصور التي تظهره كطفل لم يتجاوز السادسة عشر من عمره ، فتوجه الاعلام و نحى الناطقون باسم الاحتلال منحاً آخر يخدم " احتلاله " ، و هو تحميل المسؤولية لجهاز التعليم الفلسطيني ، و لوسائل الاعلام الفلسطينية عن غسيل الدماغ الذي تعرض له هذا الطفل .
تشير حالة خليل الى منهج في تعامل الاحتلال مع الاطفال الفلسطينيين ، فهم شباب كبار يتحملون كامل المسؤولية القانونية طالما تجاوزت أعمارهم الستة عشر عاما ، و لا ينطبق هذا على الطفل الاسرائيلي ، و الذي يبقى طفلا " بريئا و مدللا " حتى يبلغ الثامنة عشر .
و من اللافت ان يتوافق هذا الظلم و الاجحاف الاحتلالي العنصري تجاه أولاد الشعب الفلسطيني مع ثقافة الفخر و الشموخ العربية الفلسطينية التي تحرص على وصف الطفل الفلسطيني بالرجل و البطل لا لعمره الزمني بل لمعنى و أثر و دلالة عمله أو فعله : فهو رجل مقدام و بطل واجه عنجهية مستوطني الاحتلال و ان لم يبلغ سن الرجال ، و الامر كذلك .