الخلاف بين ليبرمان و بينت حول غزة - قراءة ايدولوجية
بقلم ناصر ناصر
رفض الوزير اليميني و العنصري ليبرمان اتهامات زميله المزايد عليه في العنصرية و التطرف نفتالي بينت ، باتباع سياسة ضعيفة و انهزامية أو ( يسارية ) على حد قوله اتجاه الفلسطينيين في غزة ، و الاتهام بالضعف و عدم استخدام العنف و القوة هو آخر ما يريده أو يتوقعه و بالتالي أكثر ما يستفز وزير يميني أو حزب قومي متطرف ينتمي لمدرسة كبار الصهاينة كجبوتنسكي و أحمئير ، و الذين نهلوا من أفكار نتشه في تقديس القوة و العنف و الجسارة ، ليس من أجل الحق بل لاحتلال و قهر الشعب الفلسطيني ، ليس كخيار المضطر بل كخيار مفضل مبني على العقيدة و الايدولوجيا ، و لهذا كانت ردة فعل ليبرمان الغريزية هي استحضار ما سفكه من دماء سبعة فلسطينيين ، و جرح 500 آخرين على حدود قطاع غزة مباشرا لإثبات بطلان تهمة زميله في التطرف و العنصرية الوزير نفتالي بينت .
كلا الرجلين على ما يمثلانه من أفكار ينتميان الى عقيدة ( الجدار الحديدي ) ، و التي تجمع ( تقريبا ) كل تيارات الحركة الصهيونية منذ تأسيسها ، و التي تهدف - في إحدى قراءاتها – بإجبار العرب و في هذه المرة عرب غزة على الفهم و الادراك و الاستنتاج ان المقاومة و بأي شكل من أشكالها ، و منها مسيرات العودة المتميزة لن تضعف من عزيمة اسرائيل ، فالجدار الحديدي هنا غاية و ليست مجرد وسيلة لتحقيق شروط أفضل في عملية التفاوض ، و مع ذلك فيمكن القول ان الخلاف بين ليبرمان و بينت هو في درجة استخدام القوة و في الغاية منها .
في مقابل هذا قذف ليبرمان بينت بتهمة المسيحانية المتعصبة ، و هي تهمة أقرب الى الوصف منها الى التشهير ، فحزب البيت اليهودي الذي يترأسه بينت و الذي يعتبر النسخة الأكثر تطرفاً من حزب المفدال ( الحزب الديني القومي ) ، و الذي يدعو الى تكامل التوراة و الشعب و الارض ، لا يخفي دوافعه الدينية و التوراتية في مقاتلة العرب و الفلسطينيين . كما انه يرى بالمشروع الصهيوني فصلا من فصول الخلاص الديني و حلقة مهمة من حلقاته ، و هذا ما أكدته مدرسة ( مركاز هراب ) بزعامة الحاخام كوك .
لا يختلف ليبرمان و بينت في رؤيتهما العنصرية للعرب عموما ( و عرب غزة خصوصا ) كجماعة منحطة متخلفة من الأغيار ، فهم في الداخل المحتل لا يستحقون مبدأ المساواة في بلدهم الأصلي ، فهم سكان في الدرك الاسفل من المواطنة ، كما أنهم في غزة مجرد مشكلة انسانية أو بيئية بحاجة الى حلول سريعة كي لا تلوث شواطىء بحر عسقلان أو تنفجر في وجه الاسياد في تل ابيب ، و عليه فكلا الرجلين متهمين من قبل بعض التيارات الصهيونية الاخرى بسحق و محاربة ما يعتبرونه ديموقراطية اسرائيلية ، و بالقضاء على أي حل سياسي معقول مع الفلسطينيين ، حتى و ان كانوا برئاسة ( المعتدل ) ابو مازن .
لا تكفي القراءة الايدولوجية لتفسير الخلاف الداخلي بين اليمين القومي العلماني الاستيطاني و أحد ممثليه وهو ليبرمان ، و بين اليمين القومي الديني الاستيطاني و ممثله نفتالي بينت ، فكلا الشخصيتين ساسة صغار ، يسعون لإرضاء ( المعلم ) نتنياهو ، لذا لا يوجهان له النقد المباشر بأي حال من الاحوال ، كما يسعى كل منهما لمنصب وزير الدفاع المرموق في السياسة الاسرائيلية ، و الضحية على أية حال هو الشعب الفلسطيني المستضعف و المقاوم
بشرف حتى زوال الاحتلال .