المسيحية الافنجيلية و طريق السيسي لترامب
بقلم ناصر ناصر
نشرت صحيفة هآرتس الاسبوع الماضي خبرا مفاده ان الرئيس المصري التقى على هامش اجتماعاته في الامم المتحدة في نيويورك ، و قبيل لقائه مع نتنياهو بقليل وفدا من المسيحية الافنجيلية للمرة الثانية خلال سنة ، معتبرة ذلك خطوة غير عادية بالنسبة لزعيم عربي ، فما هي احتماليات خدمة هذا اللقاء القضية الفلسطينية على وجه التحديد ؟ أو ما هي احتماليات تأثيرها على كبح سياسة اسرائيل العدوانية في المنطقة .
الرئيس المصري يريد تحسين قدرة بلاده على التأثير في السياسة الامريكية من خلال التواصل مع أهم مجموعة تدعم ترامب ، و التي منحته حوالي 80% من أصواتها في انتخابات الرئاسة 2016 ، و كان بعض اهم ناشطيها كالقس مايك افوانس قد أظهر دعمه للرئيس السيسي بقوله ( الصراع ضد الارهاب هو جزء من حقوق الانسان ، لقد قمت بتحرير مصر من استبداد الاخوان المسلمين ، و انت تحول مصر لأكثر أمنا ، و نحن نؤدي لك التحية ، و يبدو ان الرئيس المصري استطاع البناء على هذا الموقف لكسب المزيد من الدعم السياسي من إدارة ترامب متقلب المزاج .
ان مواقف قادة التيار المسحي الافنجيلي - و الذين يعتبر 50 مليون منهم من أصل 75 مليون نسمة نفسه مسيحيا صهيونيا - هي مواقف أيدولوجية راسخة ، و من الصعب ان يتم تغييرها بسهولة ، و هي قائمة على دعم و تعزيز و تقوية اسرائيل و تحجيدا اليمين المتطرف فيها ، و كل من يرفض حل الولتين و يدعم مشروع الاستيطان في الضفة الغربية .
يشار الى ان العلاقة قد بدأت منذ العام 1977 حيث كان رئيس الوزراء بيغن على صلة وثيقة بالواعظ الشهير جيري فالويل لإسقاط محاولات الرئيس الامريكي دعم تسوية ، و إقامة دولة للفلسطينيين ، ثم تلاه نتنياهو بعلاقاته الواضحة مع متطرفين كالاعلامي بات روبرتسون ، و الواعظ جون هيغي ، الذي اعتبر مرض شارون عقابا الهيا له على انسحابه من غزة .
من المناسب الاشارة الى تقرير استقصائي هام كان قد صدر عن مركز مولاد ، و الذي يثبت التحالف بين اليمين الاسرائيلي المتطرف و المسيحية الصهيونية الافنجيلية التي تؤمن بضرورة تنصير اليهود كشرط لعودة المسيح ، و بعضهم يعتقد بهلاك ثلثي اليهود الكفار بالمسيح ، أما المؤمنون فسيطيرون في الغيوم إنقاذا لهم ، و عليه فان من الصعب جدا توقع اقتراب هؤلاء من مصالح العرب و المسلمين .
لا بد من التأكيد أيضا ان قرار ترامب اعلان القدس عاصمة لدولة اسرائيل ، قد تأثر بوضوح من موقف الافنجيلية و من غير المفاجىء انهم يدعمون موقف الحكومة الاسرائيلية في ضرورة منع انفجار غزة ضد اسرائيل من خلال التخفيف عنها ، و قد أشارت تقارير انهم دعوا الرئيس المصري للعمل على ذلك ، و هذا يتناسب مع ما ورد في التقارير بان نتنياهو طلب في لقائه الاخير مع الرئيس السيسي ، و بعد لقائه مع الافنجيليين ان يضغط على ابو مازن لوقف عقوباته عن غزة .
و هكذا يمكن القول ان العلاقة مع الافنجيليين بتيارهم المركزي لن يكون لها تأثير ايجابي يذكر على مواقفهم الملتزمة دوما و بصورة أيدولوجية عميقة على مواقف حكومة اليمين ، و بالتالي ضعف إمكانيات التأثير على ترامب في القضايا الرئيسية للصراع العربي الاسرائيلي .