بقلم/ ناصر ناصر
22-10-2022
يتفق القاصي والداني بأن مهمة إطلاق سراح الأسرى هي مهمة وطنية ودينية وأخلاقية من الدرجة الأولى، وبأن بقاء مئات الأسرى الفلسطينيين ممن أمضوا سنوات طويلة في الأسر، أو ممن لم تسعفهم الصفقات السابقة، هو مأساة أخلاقية ووطنية وشرعية يجب أن تنتهي فورا وبدون تأجيل، لأن التأجيل يعني الوقوع في إثم وخطيئة التقصير أو العجز أو الإهمال أو حتى تبديل الأولويات؛ وغيرها من المبررات و الأسباب غير المقبولة عقلا أو شرعا، كما يجب أن يتفق الجميع بأن نجاح المقاومة الباهر في عقد صفقة تبادل وفاء الأحرار الأولى ليس كافياً؛ ولا مبررا للقول عملنا في السابق صالحاً؛ فليعمل غيرنا مثلنا أو فلتصبروا علينا أو انتظروا فالظروف صعبة أو غير ذلك.
وبناء على هذا الاتفاق يبرز السؤال التالي، ماذا مع وعود تبادل الأسرى الجديد؟
وأين وصلت أمور صفقة الوفاء الثانية؟
وهل يُعقل أن يتم ترك الاحتلال يتحكم في مصير أسرانا بالتأجيل والمماطلة؟
يشعر الأسرى الفلسطينيون هذه الأيام بمشاعر متناقضة، كما تتنازعهم أفكار ومواقف مختلفة ومتضاربة في كثير من الأحيان، فعملية أسر الجنود البطولية في غزة 2014، رفعت معنوياتهم إلى عنان السماء وجعلتهم يعيشون أجواء الحرية القريبة، لأنهم اعتبروا بأن الصفقة قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى؛ وكالفترة الزمنية التي تطلبتها صفقة الوفاء الأولى خمس سنوات إلى ست سنوات كحد أقصى، ثم مرت السنة السادسة فتراجعت آمالهم وتوقعاتهم، ثم السنة السابعة، ثم الثامنة، وهاهم يدخلون سنتهم التاسعة دون أي أفق واضح؛ ودونما رؤية إنجاز ملموس في مجال التبادل، فكيف تم هذا؟
ولماذا وصلت أمور الصفقة ومن بعدهم الأسرى إلى هذا الشكل وهذه الحالة التي لا تسر صديق، ولسان حالهم يقول "إن دام هذا ولم يحدث له غِيَر ، لم يبك ميت ولم يفرح بمولودي".
الأسرى كما يرى الجميع ويتابعون شؤونهم صابرون محتسبون راضون بقضاء الله تعالى وقدره، يواجهون الأسر بمزيد من الصمود والتصدي لسياسات سلطات الاحتلال، ويطورون أنفسهم بالعلم والإيمان والتعلم، كما يثقون بمقاومتهم الباسلة ثقة كبيرة، ولكنهم قوم عقلاء يفكرون بمصيرهم وبوعود مقاومتهم الصادقة التي طال انتظارها كثيرا، وما زال يحدوهم الأمل بان تتطور السياسيات وتتعزز جهود المقاومة، لإجبار الاحتلال على فك أسرهم وتحرير قيدهم ووقف معاناتهم التي ناءت بحملها الجبال الرواسي؛ وأن يأتي متأخرا خيرا من أن لا يأتي؛ وويل لمجتمعات أو شعوب أو مؤسسات أو دول أو فصائل تترك أسراها تئن لسنوات ثم تموت تحت سياط المجرمين الغزاة، فلا نامت أعين الجبناء.