بقلم / محمد القسطل - كاتب فلسطيني أسير مختص بالشؤون السياسية
ماجستير في العلوم السياسية -الجامعة العبرية تل أبيب
لا يمكن لأي دولة الإقدام على إغتيال سليماني إلا إذا كان ميزان القوى بينها وبين إيران يميل بوضوح وبأضعاف لصالحها ، وهذا ما قد يفسر اضطرار إسرائيل للاحجام عن المساس بالجنرال سليماني رغم اعتبارها له رأس أعداءها ، لكن ليس دوما ميزان القوى وحده هو ما يحدد سلوك الدول بل ثمة ميزان ثانٍ يتدخل ويضبط سلوك الأطراف وهو ميزان الرعب. فالرعب المتبادل من الخسائر التي قد تلحق الطرفين من اي اعتداء أحدهما على الاخر هو الذي يلجم إرادات الطرفين في الحرب ،
ونرى هذا الوضع في حالة حزب الله واسرائيل والمقاومة في غزة وإسرائيل بالرغم من شدة الوضوح لأي جهة يميل ميزان القوى بينهم ، صحيح أن ميزان القوى في صالح أمريكا ولاريب في ذلك غير أن ميزان الرعب بين الدولتين اي ( إيران وأمريكا ) هو ما كبح أمريكا عن القيام بمغامرة عسكرية مباشرة مع إيران ،وربما هو ما حال دون مسارعة أمريكا في الرد على خطوات إيران العسكرية في الخليج منذ شهر مايو 2018 . فكيف نفسر إذاً إقدام أمريكا على الاغتيال بالرغم من وجود توازن الرعب بينهما ؟؟ رغم رعب أمريكا من الخسائر التي تلحق بها من جراء الهجوم على سليماني .
يبدو أن هناك شيئا أشد إيلاماً وضررا منه حيث خسائر استمرار كتم الغيظ والسكوت عنه أكبر من خسائر الهجوم على سليماني وهذا الشيء هو هيبة القوى الأمريكية في المنطقة والعالم . حيث هشمّتها تواصل هجمات إيران بالأشهر الأخيرة دون أن تلقى رد أمريكي عليها برغم قوتها ودورها ، فاستهداف رجل وقائد كبير بمكانة وأهمية سليماني بداخل إيران وعلى مستوى المنطقة قد أعاد فعلا للقوة الأمريكية هيبتها ومصداقيتها. وهشّم في الوقت ذاته هيبة القوى الإيرانية في الإقليم ، فكان بحق عصفوران بحجر أمريكي واحد ، غير أن رد ايران المباشر والصريح على القواعد الامريكية في العراق فجر البارحة قد أمنَّ إعادة الهيبة للقوة الايرانية ومصداقيتها وهكذا عاد لتوازن الهيبة بين الدولتين اعتباره وتبين أن ثمة ميزان ثالث هو توزان الهيبة يساهم هو الاخر في ضبط ميزان وسلوك الدول .