بقلم الأسير:
ياسين بكري.
(انقاذ الجليل) كان عنوان الاجتماع الذي عقد بالمجلس الإقليمي مسغاف يوم الثلاثاء 20-12-2022، إذ يعتقد المجتمعون أن هناك خطر داهم يتهدد منطقة الجليل؛ بسبب أعداد العرب التي فاقت أعداد اليهود، مما تحمله من دلالات خطيرة ذات أبعاد أمنية، أما الحل فيكمن في إسكان مليون يهودي؛ ليتحول الميزان الديموقراطي لصالحهم.
لم تكن هذه المرة الأولى التي توضع فيها مثل هذه الخطة ولنفس الغرض، في الستينات من القرن الماضي أنشئت مدن ومستعمرات جديدة، ضمن ما عرف بخطة تعويض النقب والجليل، سعت لتحقيق عدة أهداف:
1- البعد الأمني: إذ يعتبر العرب داخل والنظر إليهم يكون فقط من خلال البندقية وقد أخطأت العصابات الصهيونية عندما أبقتهم مكانهم ولم تهجرهم كباقي إخوانهم، وتنتظر الفرصة لإكمال المهمة.
2- بما أن العربي خطر؛ فيجب تطويقه من كل الجهات مع الحفاظ على الأغلبية اليهودية في كل بقعة من البلاد، وقطع التواصل الجغرافي بين التجمعات العربية؛ لمنع التضامن وقطع الإمدادات وقت الضرورة.
3- السيطرة على الأرض وإبعاد الفلسطيني عن مصدر رزقه الأساسي وهي فلاحة الأرض وزراعتها؛ ليضطر للعمل في السفرة لدى اليهود وبذلك يحوله من سيد نفسه إلى أجير لديه للعمالة الرخيصة: كالبناء والتنظيف.
4- الحد من توسع السكان العرب ضمن تجمعاتهم الموجودة، بالمقابل تمنع السلطات، إقامة مدن وقرى عربية جديدة، عدد العرب يشكل (20%) من مجمل السكان لكنهم ينتشرون فقط على (2%) من مساحة الأرض، تبقى الخيارات لديهم، إما بالهجرة أو التوسع العمودي، بدون بنى تحتية ملائمة وتخطيط، أو الانتقال للسكن في المدن ذات الاغلبية اليهودية كلها خيارات صعبة، ولكل منها آفاته المركبة.
تقع قريتي (البعنة) شمال شارع (85)، الذي يفصل الجليل الأعلى عن الجليل الأسفل مع دير الأسد ومجد الكروم تشكل مثلث قرى الشاغور ذات الإرث الوطني والتاريخي وفي أثناء الحكم العسكري أرادت المؤسسة الصهيونية مصادرة أراضي السكان لصالح إقامة مدينة يهودية جديدة ضمن الخطة المذكورة؛ لتكون في منتصف الطريق بين قرى الشاغور وبين سخنين وعرابة الواقعة جنوبًا، وبالطبع انتفض الأهالي وتصدوا للمخطط بأجسادهم، واعتصموا في أرضهم لدرجة شعر بها السكان ببوادر التراجع من قبل المؤسسة إلى اليوم الذي قتل فيه شابين بالخطأ من قرية دير الأسد دهسًا على يد آخر من البعنة، واندلعت الطوشة عندما هاجم أهل دير الأسد أهالي البعنة الذي تصدوا لهم.
تفرق الشمل وصودرت الأرض، وأقيمت مستوطنة كرمئيل عام 1964.
وما أشبه اليوم بالأمس، فبعد مرور 60، ورغم كل المحاولات ما زال السكان الأصليون يشكلون الأغلبية، والهاجس الأمني لدى العدو لم يتغير، أما الطوش والقتل داخل المجتمع العربي، فحدّث ولا حرج.
وسقط عام ،2022 (126) عربي، ومن غير المستبعد (أن تكون سياسة موجهة سنناقشها في المستقبل)
من خلال نظرة سريعة لطبيعة الشخصيات التي اجتمعت في مسغاف، من شأنها إعطاء تصور عام لما هو قادم:
- نير مئير: السكرتير العام لرؤساء التجمعات التعاونية "الكيبوتسات" التابعة لحزب العمل ذات المسول اليسارية نوعًا ما مقارنة بالخارطة السياسية الحالية، وعلى الرغم من معارضتها الشديدة للحكومة الفاشية الجديدة، إلا أن هناك عدو مشترك يوحدهم ويوجد إجماع صهيوني على مسألة معاداة العرب.
- أيال بن رؤوفين: عضو المنتدى الأمني لمنطقة الجليل.
- عميت يفراح: السكرتير العام ورئيس جمعية شيلا في مسغاف، عمل كرئيس لمجلس الاستيطان في الضفة الغربية "يهودا والسامرة"، ولمن لا يعرف جمعية شيلا، هي جمعية يقودها اليمين الاستيطاني وهي مسؤولة عن وضع الخطة الاستراتيجية لضم مناطق الضفة الغربية، واليوم وضعت لها هدفًا جديدًا تنوي تحقيقه بالتعاون مع فتيان التلال والصهيونية الدينية التابعة لسموتريتش وبن غفير: السيطرة على النقب والجليل.