هآرتس

تسيفي بارئيل

ترجمة حضارات

تلقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي وصل إلى دمشق اليوم (الأربعاء)، بالفعل ترحيبًا إسرائيليًا مشرفًا، هذه هي المرة الثانية في الأسبوع التي تحدث فيها "صدفة" تبدو وكأنها طقوس.

حيث قصفت "إسرائيل" الأسبوع الماضي أهدافا قرب حمص، بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان، بالأمس توقعت وصول رئيسي بقصف مطار حلب.

لكن يبدو أن أسلوب نقل الرسائل بين "إسرائيل" وإيران، يفشل في كبح نية النظام الإيراني إظهار وجود سياسي بارز في سوريا، وتشكيل الساحة السياسية الإقليمية وفقًا لأبعادها.

هذه هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى سوريا منذ 2010، وهو يزعج نفسه بوفد حكومي كبير إلى دمشق لسد الثغرات.

وتهدف هذه الزيارة بشكل معلن إلى توثيق العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا، والتوقيع على سلسلة اتفاقيات للتعاون والاستثمارات الإيرانية في سوريا.

ومع ذلك، لهذا الغرض ليست هناك حاجة لزيارة دولة رائعة، في العقد الماضي، وقع البلدان سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية، حتى من دون زيارات متبادلة من قبل كبار المسؤولين.

لكن القواعد الإقليمية للعبة تغيرت بعد توقيع اتفاق لتجديد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وترويج السعودية لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وعندما تنعقد قمة جامعة الدول العربية في الرياض في التاسع عشر من الشهر الجاري، فإن إيران التي تم إخراجها في السنوات الأخيرة من قلب الساحة السياسية في سوريا، بشكل أساسي من قبل روسيا تريد تأمين مكانها، وعلى الأقل صورتها كصورة تتحكم في التحركات السياسية في سوريا وخارجها.

لأنه حتى بعد التحالف الجديد الذي تم توقيعه بينها وبين السعودية، لم تختف الشكوك المتبادلة.

القضية اللبنانية

تريد إيران التأكد من أن مسألة تعيين رئيس للبنان، وهو شرط ضروري لإنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها، لا تترك يدها وتذهب إلى الديوان الملكي في السعودية.

وسبق لوزير الخارجية الإيراني أن ناقش هذا الأسبوع الماضي مع نظيريه اللبناني والسوري، لكن لم يتم التوصل إلى نتيجة نهائية بعد.

الخلاف حول هذه المسألة ليس فقط بين الأطراف المتنافسة داخل لبنان، ولكن أيضًا بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، التي تعارض تعيين مرشح حزب الله من جهة، وفرنسا من جهة أخرى، التي تعرض صفقة تبادل بحسب التي يكون فيها الرئيس موالي لحزب الله، ورئيس الوزراء هو ممثل الطرف الآخر.

لكن مسألة لبنان لا تنفصل عن التحركات السعودية بشأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهنا تشعر طهران بالقلق من أن التحركات السعودية، التي تخدم المصلحة الإيرانية بشكل جيد، ستستخدمها المملكة لفرض حل "غير مرغوب فيه" في لبنان.

وقد تلقى هذا القلق تعزيزًا أمس، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر، الذي قدم بشكل غير عادي بيانًا حسن الصياغة بدا وكأنه تحذير وحتى تهديد.

وهي تنص من بين أمور أخرى، على أن "حل الأزمات الاقتصادية والسياسية في لبنان، لا يمكن أن يأتي إلا من داخل لبنان وليس من المجتمع الدولي.

حان الوقت لاختيار قيادة مناسبة، وإنقاذ البلاد من كارثة أخرى.

فجأة، قبل يومين من زيارة رئيسي، وبعد فترة طويلة غابت فيها الولايات المتحدة عن المشهد السياسي في لبنان، جاءت إشارة أمريكية واضحة تحذر من التدخل في العملية السياسية في لبنان.

التحذير ليس فقط ضد إيران، عندما تتحدث واشنطن عن المجتمع الدولي، فإنها تعني فرنسا بشكل أساسي.فيما يتعلق بالمسألة اللبنانية والسورية، فإن واشنطن مطالبة بالتغلب، ليس فقط على مواقف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق وحتى الأردن، (التي عارضت حتى الآن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية)، ولكن أيضًا تركيا.إذا كان الأمر يعتمد فقط على الرئيس رجب طيب أردوغان، لكانت العلاقات بين أنقرة ودمشق قد تجددت منذ حوالي شهرين.

إيران معنية بتجديد هذه العلاقة وروسيا تشجعها، لكن الرئيس السوري بشار الأسد لديه بعض الشروط الخاصة به.

في غضون ذلك، تم تأجيل المباحثات بين سوريا وتركيا إلى ما بعد الانتخابات في تركيا، التي ستجرى في 14 أيار.

على خلفية المنافسة الشديدة بين الخصوم السياسيين في تركيا، وبالنظر إلى بعض استطلاعات الرأي التي تنبأت بهزيمة أردوغان، من الصعب معرفة من سيكون الرئيس التركي الذي سيدير ​​المفاوضات مع الأسد.

لكن إذا تم التوصل إلى اتفاق بين تركيا وسوريا، فمن المتوقع أن يشمل انسحابًا تركيًا من الأراضي السورية، واتفاقًا على إعادة اللاجئين السوريين في تركيا وأكثر من 80 مليون شخص.

أردوغان، الذي كان يأمل في التوصل إلى اتفاق على الأقل بشأن عودة اللاجئين قبل الانتخابات، ويثبت للجمهور أنه يعمل على حل الأزمة الاقتصادية، يتعامل في الوقت نفسه مع مشاكل طبية تمنعه من المشاركة في التجمعات الانتخابية.

الرئيس التركي، الذي أبلغ يوم الأحد عن مقتل زعيم داعش أبو الحسين القرشي، على يد المخابرات التركية التي حاولت نشر تفاصيل كثيرة عن العملية، يجد نفسه أيضًا في مواجهة إدارة أمريكية غير مستعدة للتأكيد في الوقت الحالي، قتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية بالفعل.

هذا الاغتيال إذا تم تأكيده، له أيضًا معنى سياسي مهم، يحاول أردوغان منذ سنوات أن يثبت للولايات المتحدة أن تركيا قادرة على محاربة داعش بشكل فعال، وأن واشنطن ليست بحاجة إلى الاعتماد على القوات الكردية في سوريا، والتي يطالب أردوغان بإخراجها من المناطق الحدودية مع تركيا.

تدرك واشنطن أنه إذا تم توقيع اتفاقية بين تركيا وسوريا، والتي ستتضمن انسحاب القوات التركية، فستكون الولايات المتحدة مطالبة أيضًا بسحب قواتها من سوريا وترك الأكراد دون حماية وحماية.

تسعى واشنطن جاهدة للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا، لأن أي تغيير في السيطرة على الأرض وحركة القوات قد يأتي على حساب مصالحها.

في المقابل، سيصعب معارضة الاتفاقات التي ستوقعها سوريا مع الدول العربية ومع تركيا.ويصدق هذا بشكل خاص عندما لا يكون لديها أي نفوذ اقتصادي أو سياسي لإملاء الحلول الخاصة بها، بينما تكمل إيران الحل السوري، وربما الإقليمي، الذي تريده.