بقلم/ أيمن عبد المجيد
أولى المحطات:
التحقيق الميداني المباشر من قبل ضباط الشاباك الإسرائيلي، منذ محطة الاعتقال على معبر ايرز، ومن ثم الاعتقال إلى مركز تحقيق المسكوبية في القدس، استمر فيه التحقيق لمدة شهرين متواصلين، ثم كان التحقيق في مركز عسقلان لمدة شهر كامل، ثم العودة لمركز المسكوبية.
خلال 5شهور متواصلة استخدم ضباط الشاباك أبشع الأساليب ومنها، الشبح، الهز للجسد بقوة، المنع من النوم، تسليط الهواء البارد على الجسم، الضغوطات النفسية والجسدية.
تخلل هذه المدة من التحقيق، الإضراب عن الطعام، ولمدة 15يوما متواصلة.
المحطة الثانية:
القمع الجسدي المتوحش والبشع من قبل وحدات " اليسَّام" الاسرائيلية؛ فكان اقتحام غرف حماس في المسكوبية والاعتداء بالضرب المبرح على الأسرى العام 1995م، غرفة في الاعتداء عليهم وهم نائمون، غرفة في الاعتداء عليهم وهم يأكلون.
النتائج: أحد الأسرى فقد الذاكرة لمدة أسبوعين، وآخر فقد عينه، وغيرهم مابين كسور ورضوض.
المحطة الثالثة:
إخراجات العام 1997-1998 كان يوماً غير عادي؛ فتحت كل أبواب غرف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وخرج أبناؤها أفواجاً؛ إلا الذين وصفهم "إسرائيل" بمصطلح (الملطخة أيديهم بالدم)، أما أبناء الحركة الإسلامية فلم يفتح عليهم باب.
المحطة الرابعة:
أم محمد الزوجة الصابرة المحتسبة، تتحدى كل الصعوبات وتتخرج من جامعة القدس أبو ديس بتفوق، مناسبة جميلة أدخلت السرور على قلبي، ودعمتني معنوياً.
المحطة الخامسة:
النقل التعسفي والعزل وافتتاح قسم 3 في سجن هداريم 1999م.
كنا ثلاثة نفر أنا وزكريا نجيب وعلي العامودي، تعرضنا للضرب مرتين: الأولى: وقت خروجنا من نفحة، والثانية: عند دخولنا سجن هداريم؛ لرفضنا التفتيش العاري.
هذا القسم الذي افتتح لعزل الأسرى النشطاء والمؤثرين قيادات وأفراد، خاصة من الحركة الإسلامية.
المحطة السادسة:
إضراب العام 2000م والذي استمر لمدة 30يوماً، والذي تحقق فيه العديد من الإنجازات أهمها: إخراج الأخوة المعزولين، والذين أمضوا 14عاماً متواصل، مثل القائـ.ـد محمود عيسى.
المحطة السابعة: حبل الوريد
تهريب أجهزة الجوال والتي كان لها التداعيات الإيجابية والسلبية على الأسرى، تعرفنا من خلالها على الأبناء وتواصلنا مع الأهل، هذه الأجهزة التي كانت بمثابة الحبل السري الذي نتنفس به.
المحطة الثامنة:
إضراب العام 2004 والذي فشل فشلا ذريعا، وكان له تداعياته وآثاره النفسيةوالمعنوية والسلبية على الحركة الأسيرة، خاصة فيما يتعلق بأهمية هذه الخطوة الاستراتيجية "سلاح الأمعاء الخاوية" والتي لطالما استخدمها الأسرى؛ للدفاع عن مكتسباتهم وإنجازاتهم وكرامتهم.
المحطة التاسعة:
قرار النقل إلى قسم 3 في سجن بئر السبع "قسم العزل أو الشامور"، بعد إضراب 2004.
هذا القسم الذي شهد ولادة الهيئة القيادية العليا لحركة حماس داخل السجون، التي كان لها الأثر الكبير على واقع أسرى حماس في كل المجالات والأصعدة.
في هذه المحطة التي تشرفت فيها بالعيش مع العديد من قيادات الحركة الأسيرة، والشعب الفلسطيني.
المحطة العاشرة:
الأبوة...
ما زلت أذكر الكبير أبا عاصف رحمه الله في سجن هداريم قسم 3، عندما كان ينزل إلى الفورة وبيده ساندويش لبنة وزعتر وفي جيبه تفاحة أو برتقالة، انتابني الفضول...تتبعت الأمر؛ فاذا بأبي عاصف الأب الحنون يطعم ابنه عاصم بيده، ويمسح على رأسه وكأن حاله يقول: أريد أن أعوض كل تلك الأيام غيبني الاحتلال عنكم.
حال الآباء الأسرى؛ كحال أبي عاصف، كيف لا وهم الذين حرمهم الاحتلال من العيش مع أبنائهم ورؤيتهم يكبرون أمامهم لحظة بلحظة.
اللهم لا تحرم أحدا من أبنائه، واجمع الأسرى بعائلاتهم وأبنائهم.
المحطة الحادية عشر:
ضريبة الانتماء
الحاج أبو حسن هدوان من البلدة القديمة في القدس، اعتقل ومجموعته على خلفية الانتماء لحركة فتح، وتنفيذ بعض العمليات الفدائية.
في اتفاقية أوسلو المشؤومة، وضع الاحتلال شروط ومعايير للافراج عن الأسرى، الحاج ومجموعته يعدون ممن تنطبق عليهم تلك الشروط.
تم الافراج عن المجموعة باستثناء الحاج أبو حسن والسبب حول في السجن وانتمى لحركة حماس، ولم تشفع له الأمراض التي أنهكت جسده وبقي في ما يسمى مستشفى الرملة صابرا محتسبا حتى اصطفاه الله شهيدا.
وكذلك كان مصير الخال أبو رزق العرعير من قطاع غزة والذي عانى الكثير من الأمراض، والذي اصطفاه الله شهيدا بعد عملية قلب مفتوح، فلا شفاعة لسنه وعمره ولا لمرضه ولا للمعايير.
بالمناسبة الخال أبو رزق كان صاحب نكتة، سأله أحد الشباب ذات مرة، إفرض يا خال أنه تم الإفراج عنك ولحظة وصولك معبر إيرز قبض الله روحك شو بتعمل؟
فأجاب بعفوية وهو ضاحكا: "والله بنجن".
رحم الله الحاج أبو حسن والخال أبو رزق، وشتان بين من يولدون عبيدا، وبين من يقتلون أحرارا.