خذوا حلم وليد لم يعد يريده فقد أنهكه المرض وأعياه الخذلان

وسيم مليطات

أسير وكاتب

بقلم الأسير:
 وسيم مليطات


إلى كتابة سطوري هذه، لم تشكل العقود العديدة منذ سنوات التي يمضيها الأسرى من أعمارهم في جحيم سجون الأعداء لم تشكل دافعًا للعمل من أجل إطلاق سراحهم، ولم تصل الآهات المكبوتة والأوجاع الضارية التي يكابدها الأسرى في سجون الاحتلال إلى لوائح الاتهام التي تطال تنظيماتنا وقياداتنا التي لم تزل تمتهن التجاهل والتقصير وعدم المبالاة إزاء هذا الجرح النازف، وإنه لأمر يدعو إلى الحزن والألم أن يترك المناضل والمفكر وليد دقة يصارع الموت بعد 38 عامًا في الأسر دون أن نرى جهدًا يوازي ما يمثله الأخ وليد كقيمة نضالية ووطنية وإنسانية، وإنه أمر يدعو إلى الأسف أن يبقى هذا الإهمال والتقصير دون طائلة الحساب الإنساني والوطني والاجتماعي، وأن لا يكون هناك مراجعات لهذا الوضع المؤلم.

وليد يعيش تحت طائلة القيود والحرمان ويحيا جسده المقموع وروحه المروعة تحت قبضة القوانين الأمنية التعسفية التي تطاله حتى وهو تحت تأثير البنج ويُجري أخطر العمليات الجراحية، وليد بعد العملية الخطيرة التي أجريت له وُضع في مقصلة الرملة ذات الصيت السيء السمعة والمكان المضاد للحياة ولكل ما هو صحي، وليد ما زال صامدًا ويقتلع من صدره كل وهن وكل ضعف إنساني، ما زال متشبثُا بالحياة التي تكون الحرية فيها فعلاً يومياً يمارسه، وليد الذي عاش في السجن بين ألم وأمل وبين خيال خصب وواقع يصب الأحلام، وليد الإنسان النبيل الأكثر تسامحًا وتمسكًا بالعدل كقيمة وكممارسة يومية، وليد المفكر الأكثر استقامة وانحياز للقضايا الإنسانية وللإنسان لكونه إنسان وليس لأي شيء آخر المفكر الذي أرفق الكلمة بالموقف وأعطى للأفكار حيويتها بأن مارسها، المفكر والأديب الذي لا يقف عند حد ولا يقنع بما دون الحرية، وليد المناضل صاحب الروح الوثابة التي تأبى الخنوع والاختزال، المناضل الذي آمن بحق الناس جميعًا أن ينعموا بقدر متساوٍ من الحرية والعدالة وأن الحرية هي الدافع لكل حركة وفعل وأن ليس على الإنسان أن يختار في حال فقد حريته، وأن عليه أن يلتزم مبدأ النضال من المهد إلى اللحد، وليد صاحب المواقف المبدئية الرجل الذي مثَّل ضمير الثائر وعَكَس مُثُله العليا من اعتبر أن قوة الرجال أنفع أحيانًا من حضورهم المتفائل وأحيانًا أخرى من يأسهم، وليد الحالم من عاش في الأسر وهو يجتر حلم التحرير، فإذا به يقطع 38 عامًا في السجن.

ذات يوم وبعد أن أمضى الأخ وليد ثلاثة عقود ونصف في الأسر سألته هل ما زال لديك حلم ؟أجاب في حينها إن روحي لا تكل من تكرار الحلم والبحث عن مخرج، وما زالت يداي تدفع بكل طاقة لفتح نافذة أطل بها على مشارف غدي، إن روحي ترفض الرضوخ أمام الفواجع الموجعة وأمام وقاحة واستبداد الأعداء، أشعر بالتعب وفي وجعٍ في قلبي ولكن سيبقى رأسي مرفوع.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023