هآرتس
عاموس هرائيل
ترجمة حضارات
من شاهد مؤخراً تكرار الظهور العلني لرئيسة المحكمة العليا إستر حايوت، لا بد أنه لاحظ الحراسة غير العادية المحيطة بها.
صحيح أن الرئيسة هي أحد رموز النظام السبعة، التي يعهد بأمنها إلى وحدة الأمن الشخصي التابعة للشاباك، لكن نطاق الأمن الملحق بها خلال أشهر الأزمة أكبر من نطاق الأمن الذي ألحقه بأسلافها في الوظيفة.
كما يتم تأمين قضاة آخرين من المحكمة العليا على نطاق واسع، حتى لو لم يكن بشكل مباشر من قبل الشاباك.
ويبدو أن الجهاز وحرس المحكمة مقتنعان بأنه في ظل الظروف الحالية، فإن محاولة إيذاء القضاة جسديا هي سيناريو محتمل إلى حد ما.
ويمكن فهم حجم الخطر الذي يواجه القضاة أو المستشارة القانونية للحكومة غالي باهارف ميارا من خلال الاستماع إلى بعض الخطب في المظاهرة اليمينية التي جرت في القدس يوم الخميس الماضي.
لم تحضر الجماهير، لكن كلمات المتحدثين كانت حادة بشكل خاص. وهدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش حايوت قائلًا: “لا تحاولي على إبطال القوانين الأساسية”، فيما هددت وزيرة الإعلام جاليت ديستيل اتباريان المستشارة القانونية قائلا: “إذا ألقيت انتخاباتنا في سلة المهملات؛ فسوف يجب أن تتعاملي معي".
تضاف هذه الكلمات إلى خطاب المافيا الذي ألقاه يوم الأربعاء رئيس الكنيست أمير أوحانا، ويبدو أن اللحن الذي يسمع من هذه النصوص يتم بالتنسيق مع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفي الخلفية أيضا الاتهامات لوزيرة المواصلات ميري ريغيف أن "حراس أمن الشاباك قاموا بالاعتداء عليها" -وليس أقل- وأن رئيس الجهاز رونين بار همش التحقيق الداخلي بالحادثة.
وظهرت الضغوط التي مارسها الوزراء على الشرطة أمس (السبت) أيضًا، عندما اعتقلت شرطة تل أبيب ناشطا احتجاجيا لاستجوابه فقط لأنه وضع لافتات شمال المدينة، بالقرب من مقر الإقامة الجديد للوزير يتسحاق فايسارلوف من عوتسما يهوديت.
وكان من المقرر حدوث هياج الوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف في الأسبوع الجديد، عندما ستبدأ المحكمة العليا في مناقشة سلسلة الالتماسات ضد الانقلاب.
هناك أيضًا قدر كبير من الإحباط في الخلفية. فشلت المظاهرة في القدس في حشد أكثر من بضعة آلاف من الناشطين، وفي بث القناة 14 كان هناك تبادل للاتهامات في النقاش حول سبب بقاء الناخبين اليمينيين غير مبالين في مواجهة جهود الائتلاف لجمع الآلاف امام المحكمة العليا.
ويتناقض هذا بشكل صارخ مع حركة الاحتجاج المناهضة للانقلاب، والتي يبدو أنها تغذيها التباطؤ في الصيف قبل ما يمكن أن يكون الفترة الحاسمة للصراع.
إغراء أميركي
وقبيل جلسات الاستماع في المحكمة العليا، تحاول الولايات المتحدة إقناع نتنياهو بإيقاف القطار السريع وتجميد التشريع لفترة طويلة، بينما على المحك إغراء تحقيق إنجاز سياسي كبير على شكل اتفاق تطبيع بين "إسرائيل" المملكة العربية السعودية.
وبعد أقل من أسبوعين، من المقرر أن يلقي رئيس الوزراء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ورغم الوعود المتكررة من حاشية نتنياهو، لم يصدر حتى الآن إعلان رسمي عن لقاء على هامش اللقاء بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن، ناهيك عن زيارة إلى البيت الأبيض.
ولا يزال الخيار الأول معقولًا تمامًا؛ والثاني، على ما يبدو في هذه اللحظة، أقل قليلًا.
وقال مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، الثلاثاء، إن "هناك فهما واسعا للعديد من القضايا الرئيسية" ضمن محادثات التطبيع، لكنه أضاف أنه "لا يزال هناك عمل يتعين القيام به".
وربما يعكس توقيت كلام سوليفان محاولة أميركية خلق ذريعة لنتنياهو لوقف التشريع، على اعتبار أن ذلك سيمهد الطريق لاتفاق سياسي تاريخي، وبدلاً من ذلك، يمكن أن تكون محاولة أمريكية علنية لمحاصرة رئيس الوزراء.
وقدم بايدن أمس، في مؤتمر مجموعة العشرين في نيودلهي، مبادرة دولية لبناء بنية تحتية جديدة للنقل على نطاق واسع، والتي ستربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وأشار الرئيس إلى المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" والإمارات العربية المتحدة كشراكات مستقبلية في المبادرة.
ولن يكون من الصعب بشكل خاص على نتنياهو صياغة خطاب دراماتيكي للأمة، يدعو فيه أولئك الذين سيوصفون بـ "الأشخاص المسؤولين في المعارضة" إلى تقديم المساعدة في مواجهة التحديات الوطنية الكبرى، ومن بينها اتفاق محتمل مع السعودية.
والمخطط الجديد الذي قدمه الرئيس اسحق هرتسوغ، والذي تم تسريبه في الأسبوع الماضي وسارع الليكود إلى التنصل منه، يتحدث أيضا عن تجميد التشريع لمدة 18 شهرًا، لكن العائق الرئيسي أمام نتنياهو هو داخل ائتلافه "الجناح المتشدد" في الليكود وخاصة الشريكين من اليمين المتطرف، عوتسما يهوديت والصهيونية الدينية.
وفي الخلفية، لم يتم التوصل حتى الآن إلى حل لمطالب الأحزاب الحريدية بالموافقة في الكنيست الشهر المقبل على قانون الإعفاء من التجنيد لعناصرها.
الإغراءات والضغوط من الأميركيين، واستطلاعات الرأي غير المشجعة لليكود، والاختلال الوظيفي للحكومة ووزرائها، وقوة الاحتجاج - كل هذه يمكن أن توفر على ما يبدو كتلة حرجة من شأنها أن تدفع نتنياهو إلى إعلان تجميد آخر، كما فعل نهاية شهر مارس الماضي بعد محاولته الفاشلة إقالة وزير الحرب يوآف غالانت.
هناك مشكلة واحدة فقط في هذا السيناريو: حتى الآن، لم يتخذ رئيس الوزراء خطوة علنية واحدة في هذا الاتجاه.
توتر في الخلفية
يدرك الجيش الإسرائيلي أن تصعيد الأزمة السياسية، في حال حدوثه، قد يكون له تأثير سلبي على التسجيل في الاحتياط وحتى على الأجواء في الجيش الاحتياطي والدائم.
خطاب أوحانا، الذي أعقبه خطابات في المظاهرة في القدس، أثار ردود فعل غاضبة في صفوف جنود الاحتياط المشاركين في الاحتجاج.
ومن المتوقع أن يؤدي إصرار الحريديم على مشروع قانون الإعفاء وقانون مقارنة وضع طلاب التوراة بأوضاع الجنود، في تقدير الجيش، إلى تفاقم ردود الفعل، إلى حد الإضرار المحتمل بالتجنيد في دورة نوفمبر المقبلة.
ولذلك، أوضح رئيس الأركان، هرتسي هليفي، الأسبوع الماضي أن الجيش الإسرائيلي يؤيد مخطط "التجنيد للجميع"، رغم أن ذلك يتناقض مع موقف الائتلاف.
وفي الخلفية، سيبدأ موسم عطلات تشري نهاية الأسبوع، والذي عادة ما يصاحبه توتر متزايد في القدس والضفة الغربية، وفي الأسابيع الأخيرة، جرت محاولة تنفيذ هجوم كل يوم تقريبًا في القدس أو الضفة الغربية.
وتشعر المؤسسة الأمنية بالقلق أيضًا من حقيقة أن حماس جددت الاحتجاج بالقرب من السياج الحدودي في قطاع غزة، بعد هدوء طويل.
وترتبط المظاهرات بصراعات داخلية على السلطة في المنظمة والساحة الفلسطينية، والخوف من خفض الدعم المالي من قطر، والتوتر في مواجهة تهديدات الوزير المتطرف إيتمار بن غفير بتفاقم أوضاع الأسرى الأمنيين المسجونين في "إسرائيل".
وعلى الساحة الشمالية، يبدو أن "إسرائيل" قلصت عدد التصريحات حول المواجهة مع حزب الله، على خلفية الخلافات على المسار الحدودي والخيمة التي نصبها التنظيم في مزارع شبعا.
ولا تزال هناك محاولة من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتسوية هذه القضايا سلميًا، على الرغم من أن التوترات في الشمال لم تهدأ بعد.