بقلم/ مروان سمور
لطالما كانت تركيا لاعبًا مهمًا في السياسة الدولية، بحكم موقعها الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا، الذي يؤهلها للعب أدوارا مهمة على الصعيد الإقليمي والعالمي.
في السنوات الأخيرة، اتخذت تركيا سياسة توازن بين روسيا والغرب، مما أثار بعض القلق لدى كل من الطرفين.
تتمتع تركيا بعلاقات اقتصادية قوية مع كل من روسيا والغرب، فروسيا هي أكبر مورد للغاز الطبيعي لتركيا، بينما تعتبر تركيا سوقًا مهمًا للصادرات الأوروبية.
خلفية السياسة التركية
تعود جذور السياسة التركية المتوازنة إلى عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، منذ توليه السلطة في عام 2003، فقد سعى إلى توسيع دور تركيا في الساحة العالمية، وتحقيق مزيد من الاستقلالية عن الغرب.
في عام 2016، اشترت تركيا نظام الدفاع الصاروخي إس-400 من روسيا، مما أثار غضب الولايات المتحدة الامريكية، حيث اعتبرت أن شراء إس-400 يتعارض مع أنظمة الدفاع الصاروخي في حلف الناتو، وادى ذلك الى فرضها عقوبات على تركيا.
على الرغم من هذه العقوبات، استمرت تركيا في تعزيز علاقاتها مع روسيا، وفي عام 2017، وقعت تركيا وروسيا اتفاقية لإنشاء ممر غاز عبر البحر الأسود، كما تعاون الطرفان في سوريا، حيث دعمت تركيا المعارضة السورية، بينما دعمت روسيا الحكومة السورية.
في عام 2020، نظمت تركيا وروسيا عملية عسكرية مشتركة في سوريا، مما أدى إلى وقف إطلاق النار بين المعارضة السورية والحكومة السورية.
أهداف السياسة التركية
تهدف السياسة التركية المتوازنة بين روسيا والغرب إلى تحقيق مصالحها الوطنية، بما في ذلك تحقيق مزيد من الاستقلالية، وحماية أمنها القومي، وتعزيز علاقاتها التجارية مع كل من الطرفين.
وتهدف ايضا الى بناء شراكات متنوعة مع روسيا والغرب دون التخلي عن ارتباطها المؤسساتي بالغرب، سواء كعضو في حلف الناتو أو كشريك اقتصادي مهم للاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه تعمل أنقرة على الاستفادة من الصراع الروسي الغربي، لتعزيز تموضعها الجيوسياسي كقوة وازنة بين الشرق والغرب.
التحديات التي تواجه السياسة التركية
تواجه السياسة التركية المتأرجحة بعض التحديات، أحد هذه التحديات هو أن الولايات المتحدة قد تفرض مزيدًا من العقوبات على تركيا، مما قد يضر باقتصادها.
تحدي آخر، هو أن روسيا قد تحاول الاستفادة من العلاقات القوية مع تركيا، للضغط عليها في قضايا أخرى، وعلى سبيل المثال، قد تحاول روسيا الضغط على تركيا لتغيير موقفها من أوكرانيا او سوريا أو ليبيا.
الفرص التي تمنحها السياسة التركية
على الرغم من التحديات، فإن هذه اللعبة السياسبة لتركيا توفر لها بعض الفرص، حيث تمكنها من تحقيق مصالحها الوطنية دون أن تضطر إلى الاعتماد بشكل كبير على أي من الطرفين.
فرصة أخرى هي أن تتمكن تركيا من لعب دور الوساطة بين روسيا والغرب في القضايا الخلافية، على سبيل المثال، قد تتمكن من لعب دور في تسوية الصراع في أوكرانيا.
مستقبل السياسة التركية
من غير الواضح ما سيكون مستقبل سياسة "مسك العصا من المنتصف" بين روسيا والغرب، فمن الممكن أن تستمر تركيا في تعزيز علاقاتها مع كلا الطرفين، أو أنها قد تضطر إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحًا في السنوات القادمة.
وإذا اضطرت الى اتخاذ هكذا موقف، فقد تفقد فرصًا للتعاون مع احدى الطرفين.
وإذا استمرت في تعزيز علاقاتها مع روسيا، فقد يؤدي ذلك إلى تعميق الخلاف بين تركيا والغرب، والعكس صحيح.
في النهاية، سيعتمد مستقبل السياسة التركية على عوامل مختلفة، بما في ذلك التطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة.
ومن الصعب التكهن بما ستكون عليه قواعد اللعبة التركية الخطرة في المستقبل، لكن من الواضح أن تركيا تسعى إلى تغيير دورها، والتعبير عن نفسها في النظام الدولي الحالي والمستقبلي.