بقلم/ رائد أبو ظاهر
خط بارليف الذي أقيم في عام 1969 على قناة السويس بارتفاع (25)م وعوائق طبيعية، إضافة إلى(22) موقع عسكري محصن، و(31) نقطة داخل الأرض مكونة جدرانها من الأسمنت المسلح بسمك 2م، وملاجئ خاصة ضد الأسلحة الكيماوية، وكلها محاطة بحقول من الألغام والأسلاك الشائكة، وكل هذا كلف في حينه ربع مليار دولار وسط عملية تسويق إسرائيلية له في كل أنحاء العالم أنه أعظم خط دفاعي في التاريخ.
لذا ساد ما يُعرف بالتصور conseption أن هذا الخط عبارة عن معجزة وأسطورة، ولا يوجد في العالم جيش قادر على اختراقه ويبقى على قيد الحياة أو يحقق ما يريد فنام الجنود على الخط، ولم يستيقظوا إلا على أصوات الجنود المصريين الذين عبروا وأصبحوا فوق رؤوسهم، فما كان منهم إلا رفعوا أيديهم مستسلمين وسط صدمة عمت دولة الكيان ولم تنتهي حتى يومنا هذا.
لقد عدنا إلى ذاك التاريخ العظيم عندما سمعنا المراسل لإذاعة ريشت بيت العبرية أمير بوخبوط، ينقل عن رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي في تعليقه على تهديد حركة حماس، بأن المس بالشيخ صالح العاروري سيؤدي إلى رد فعل بركاني إتجاه دولة الاحتلال، إذ قال كوخافي: "لقد قلت لسكان غلاف غزة ناموا بعمق فلن يصل إليكم بعد الآن أي مسلح من بطن الأرض، وقلت للجيش من الآن اهتموا بالأخطار القادمة من فوق الأرض ومن السماء، فقد تخلصنا من تهديد الأنفاق للأبد بفضل الجدار الأرضي المحيط بغزة والذي تم الإنتهاء منه في حينه".
وعندما سأله المراسل العسكري وإذا تمكنت حماس من اختراقه... فرد هذا يعني ضربة استراتيجية لـ"إسرائيل" وأمنها القومي، مع العلم أن الجدار حول غزة طوله 65 كيلو متر وارتفاعه 6 م بعمق 75م في بطن الأرض، وُضع فيه 2 مليون كوب باطون تكفي لعمل شارع واسع من غزة حتى اليونان، إضافة إلى مجسات وتكنولوجيا حديثة وحساسة و120 برج وعائق، تحيط بالقطاع بحماية منظومات معقدة من أدوات التحكم والسيطرة والمراقبة، مثل الكاميرات ومجسات وأسلحة ذكية، وهذا كله كلف دولة الكيان أكثر من 5 مليار شيكل.
وهنا لن يكون هذا الجدار إلا حلقة من سلسلة حلقات انهيار الأساطير والجدران الصهيونية، والتي زرعت في وعي الفلسطينيين والعرب والمسلمين وسيكون إشارة إلى قرب توقف ساعة "إسرائيل"، والتي سوف تتوقف وتنهار الحسابات الورقية والتصورات الوهمية مع إرادة المجاهد، والذي وصل إلى النقطة الأخرى من الكرة الأرضية، حتى يؤكد ويعمل على نهاية اسطورة هذه الدولة وأسطورة جيشها الذي لا يقهر، والذي أصبح يُقهر يومياً على يد أطفال فلسطين قبل مقاوميها تصديقاً لقوله تعالى: "فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا".