من الذي تسبب بـ 7 اكتوبر

نوعا لنداو 

 هآرتس


منذ اعلان وزير العدل، ياريف لفين، عن الاستئناف الرسمي للانقلاب النظامي (خلافا لادعائه)، فان الانقلاب لم يتوقف أبدا. فقد سمع من أجزاء في المعارضة ادعاء بأن الانقلاب هو الذي تسبب بالمذبحة في 7 أكتوبر. يئير لبيد قال ردا على اعلان لفين: “في المرة السابقة الانقلاب النظامي كلف الدولة 1800 قتيل و100 مخطوف، ما زالوا محتجزين في غزة، و11 ألف مصاب في الجيش الإسرائيلي. هذا ما يحدث عندما تقوم الحكومة باضعاف الدولة من الداخل”. 

كما هي العادة في المعسكر المعارض لنتنياهو – ليس دائما لسياسته – فان النوايا حسنة، التنفيذ اشكالي. من بين الإخفاقات الكثيرة جدا التي تسببت بالكارثة، يختارون اظهار الـ “الشرخ الداخلي” كعامل رئيسي، فانهم ينضمون بالفعل الى رواية نتنياهو الذي يعمل منذ سنة على الاقناع بأن هذا الشرخ هو وبحق السبب في الهجوم. حسب الرواية البيبية، التي تشمل نظريات مؤامرة كاذبة وصادمة عن ذنب “الكابلانيين”، الاحتجاج ضد الانقلاب هو الذي تسبب بالمذبحة. هؤلاء يقولون “كل ما حدث كان بسبب انقلابكم” واولئك يقولون “كل ما حدث كان بسبب احتجاجكم”. الطرفان يتفقان على أن العامل الأساسي لهجوم حماس هو ضعف المناعة الاجتماعية التي هددت بالتأثير على المناعة العسكرية. 

صحيح أنه توجد دلائل تربط بين قرار حماس حول توقيت الهجوم وبين عدم الاستقرار السائد في إسرائيل. ولكن الصلة تتعلق بقضية التوقيت وليس السبب. هل في المستقبل سيكتب المؤرخون بأن حماس هاجمت إسرائيل بسبب نية تنفيذ فيها انقلاب نظامي، أم أنهم سيشيرون الى ذلك كفصل استثنائي وصادم بشكل خاص في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني المتواصل؟ هل حماس لم تطمح دائما الى تدمير إسرائيل وتدربت على خطتها لفترة طويلة؟ واذا لم تكن الحكومة قد دفعت قدما بالانقلاب فهل حماس كانت ستجلس الى الأبد بهدوء في غزة وتقوم باحصاء الأموال القطرية؟ هل الانقلاب هو الذي تسبب بالاستخفاف بعيد المدى بتأمين الحدود؟. 

التركيز على موضوع التوقيت ودمجه بالعامل، يخدم مستويين يوجد لهما إخفاقات كثيرة يجب التكفير عنها، المستوى السياسي والمستوى الأمني. وهو يخدم نتنياهو من خلال إخفاء كل اخفاقاته السياسية الخطيرة خلال اكثر من عقد وجوده في الحكم. ضمن أمور أخرى، اختياره المتعمد والمتواصل لاضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس، بما في ذلك التمويل القطري وقرار ارتباطه باليمين الكهاني الذي عمل على تعميق الاحتلال والضم وخرق الوضع الراهن في الحرم واعلانه عن السعي الى الاتفاق مع السعودية الذي سيعزل الفلسطينيين اكثر – هذه بعض القضايا التي ذكرتها حماس نفسها كعوامل لتوقيت هجومها. أيضا هو بشكل صريح مذنب في تجاهل التحذيرات حول التصعيد. 

الجيش يخدمه الدمج بين مسألة التوقيت والعامل، لأنه يحرف الانتباه عن الإخفاقات الاستخبارية والتكتيكية الخطيرة بحد ذاتها: جودة تأمين الحدود، الاستخفاف بالمراقبات، الرد في يوم الكارثة وما شابه. مع كل الاحترام لمناعة المجتمع، أيضا تأمين الحدود كان عامل مساعد. 

إضافة الى ذلك توجد رسالة أخرى خفية في اتهام “الشرخ الداخلي في الشعب”، وهي تبني الادعاء بأن الانقسام بحد ذاته مرفوض وأنه يجب دائما التطلع الى الوحدة. الخلاف السياسي ليس فقط أمر مشروع، بل هو أمر حيوي. أيضا تجنيد الحريديين أو اخلاء البؤر الاستيطانية “ستقسم” الشعب – ماذا في ذلك؟. في نهاية المطاف عزو مشكلة الانقلاب لـ 7 أكتوبر يتساوق مع ادعاء لفين، الذي يقول أنه بعد هزيمة ،كما يبدو، الأعداء، يمكن العودة الى الانقلاب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023