رسالة بلسان حال أسرانا لما يحدث في مخيم جنين .

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

من زنازين القهر والألم ، من تحت ركام القمع والتنكيل وكل أشكال السّحق المهين، من عمق جحافل الظلم والظلمات لحثالة البشر، بعد أن استطالوا علينا ورمونا بكلّ أحقادهم بكلّ خسّة ونذالة، سلّطوا كلابهم علينا وأنشبوا مخالب أحقادهم وداسونا تحت نعالهم، منذ السابع من اكتوبر ونحن نتجرّع ويلات لا يقوى قلب بشر على حملها ولا عقل كاتب أن يصفها أو يكتب حقيقتها، بات عذاب يوم بعذاب سنة وذقنا ما لم يذقه بشر من قهر وجوع وبرد وسقم.
ومع كلّ هذه الويلات التي لا مجال للخوض في تفصيلاتها إلا أنه بقيت عروقنا تنبض بما يفعله المقاوم فيهم على أرض غزة أو جنين أو طولكرم وطوباس والفارعة ونابلس والقدس واريحا ورام الله وكل بقعة من هذا الوطن ينبض فيه نفس مقاوم يغيظهم أو يردّ شيئا من فاتورتهم السوداء المصبوبة على رؤوسنا. 
شعبنا الحرّ الابيّ، يا كلّ من في قلبه نبض ينسجم مع نبض أحراره في السجون الغاشمة الطاحنة، استجيبوا لندائنا وإياكم أن تحرفوا البوصلة، لتبقى بنادقكم مشرّعة بالاتجاه الصحيح، وإياكم أن تنجرّوا لمربع عدونا وعدوّكم، هذا الصلف العنجهي المتغطرس الجبان الذي لا يرى في أيّ فلسطيني إلا ميّت أو عميل أو حشرة أو أفعى أو خوّاف جبان. 
شعبنا أحرارنا أيّ كانت صفتكم، مقاوم أو عنصر أمن أو محبّ لوطنه وقدسه وأقصاه وأسراه، اعلموا جيّدا وهو من باب المعلوم بالبديهة أن المستفيد من اقتتالكم هو عدوّكم وإنّ خير هديّة تقدمونها له هي اقتتالكم، ما زال متربص ومتعطش لدمائكم، إن لم تقتلوا أنفسكم قتلكم، ولكن الفرق هو ميدان عزّ وشرف أو ميدان هزيمة وعار وندم. لن نغفر لكل متورط أو دافع لفتنة أو آمر أو مسئول سعى في هذا العار والفتنة الداخلية، ليس لهذا سُجنّا ودفعنا أغلى سنين حياتنا. ليس لهذا ناضلنا وأذهبنا زهرات حياتنا، نذوي في السجون وتُطفأ سنوات أعمارنا ويدوسونا تحت أقدامهم لنسمع أخيرا أن الفلسطينيّ يقتل أخاه الفلسطيني بينما العدوّ متفرج ينتظر نهاية اللعبة ليضرب الاثنين معا بكلّ صفاقة وضراوة. 
شعبنا بقاماته الوطنية وفصائله الابية وسلطته الوطنية وحراكاته الشعبيّة إن لم تتقوا الله في وطنكم، وإن لم تتقوا الله في قدسكم، وإم لم تتقوا الله في شبابكم، اتقوا الله في أسراكم. اتقوا الله في شهدائكم، اتقوا الله في نسائكم وأطفالكم من قطاع غزّة إلى مخيم جنين. 
نهيب بشعبنا الحرّ الصابر المرابط الامين أن تتحرّك كلّ قواه الفاعلة إلى مخيم جنين لفضّ هذا الصراع المهين لكلّ نضالات شعبنا وشهداءنا وأسرانا، لتمتليء الشوارع وتقام المسيرات ولتطالب سيادة الرئيس بإصدار تعليماته وهو القادر بتصريح منه نزع هذا الفتيل. 
دمتم ودامت فلسطين فوق الجميع 
الرحمة لشهدائنا والحرية لأسرانا والشفاء لمرضانا 
وإنها لثورة حتى النصر 
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023