غيورا آيلاند
يديعوت أحرونوت
ثلاثة أخطاء تمنعنا من تحقيق أهداف الحرب. الخطأ الأول: تبنّي سردية أوجدها الأميركيون، وهي أن "حماس" مثل "داعش"، أي إنها تنظيم "إرهابي" فرض نفسه على السكان، بينما السردية الصحيحة هي أنه في 7 تشرين الأول/أكتوبر، شنّت دولة غزة حرباً ضد دولة إسرائيل. وفي الحروب بين الدول، من المعتاد ممارسة الضغط الاقتصادي على دولة العدو، وحتى فرض حصار عليها. لا يوجد في القانون الدولي ما يفرض تزويد دولة العدو بكل ما ينقصها، وفي أقصى الاحتمالات، لا نستطيع منع الآخرين، مثل مصر، من توفير الغذاء للعدو.
الخطأ الثاني: عدم استغلال نقاط ضُعف العدو. الهدف من الحرب هو أن نفرض على الجانب الآخر أموراً يرفضها. هناك 3 وسائل أساسية من أجل سحب البساط من تحت أقدام "الحكام المستبدين"، لم تحاول إسرائيل استخدام أيّ وسيلة من هذه الوسائل.
الوسيلة الأولى، فرض عقوبات اقتصادية تؤدي إلى ثورة الجمهور الغاضب والجائع، والذي يشعر بالمرارة. يخاف "الطغاة" بصورة أساسية من هذا الوضع، والدليل على ذلك، ما جرى في الثورتين الفرنسية والبلشفية، والربيع العربي، ومؤخراً، ما جرى في سورية. الوسيلة الثانية تدعم تغيير الحكم. لقد كبحت إسرائيل كل مبادرة تدفع قدماً بمثل هذا البديل. والوسيلة الثالثة، هي الخوف من خسارة الأرض، وهذه الاستراتيجيا امتنعنا من تجربتها. ومن دون نقاش، اتُّخذ قرار، مفاده أن "الضغط العسكري وحده سيحقق أهداف الحرب". وهذا الخطأ خطِر لأن الضغط العسكري هو الاستراتيجيا التي استعدت لها "حماس" منذ 15 عاماً.
الخطأ الثالث: فشل الحوار السياسي. فور وقوع "المذبحة"، وخلال زيارة الرئيس بايدن لإسرائيل، طُلب من رئيس الحكومة الإجابة عن سؤال واحد فقط: ما هو مصير غزة في اليوم التالي؟ فردّ نتنياهو ساخراً: "عندما نصل إلى اليوم التالي، نتحدث عنه". لقد كان من الأفضل أن يوضح أن ليس لإسرائيل مطامع إقليمية، أو سياسية، في غزة، بل مصلحة أمنية فقط، هدفها ضمان نزع السلاح بصورة كاملة من غزة لسنوات، وأن إسرائيل مستعدة الآن لكي تناقش مع أيّ دولة عربية أو غربية مستقبل الحكم في غزة، وأن أيّ خطوة تُقنع بأن غزة ستصبح منزوعة السلاح هي خطوة مقبولة منها.
إن أكبر خطأ في التاريخ هو الناتج من تحديد القادة أهدافاً، من دون إجراء نقاش نقدي معمّق بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها تحقيقها. في سنة 480 قبل الميلاد، قرر كسرى ملك الفرس احتلال اليونان، وافترض أن جيشه أكبر كثيراً من الجيش الذي يمكن لليونانيين تجنيده، وأنه قادر على تحقيق الهدف. وتجاهل الطبيعة الجبلية لليونان، وصعوبة إطعام مثل هذا الجيش الكبير في حرب طويلة، وتفوُّق اليونانيين في القتال في البحر، وغير ذلك، وكانت النتيجة هزيمة مذلة. أيضاً، اعتقد نابليون أن جيشه القوي سيهزم الجيش الروسي "الأضعف"، وأن النصر سيسمح له بتحقيق هدفه: كسر تحالُف روسيا مع بروسيا وإنكلترا. لكنه لم يأخذ في الاعتبار حجم روسيا، والشتاء القاسي، واحتمال أن يقرر الروس الانسحاب، بدلاً من اتباع السيناريو الذي وضعه، وترك أرض محروقة وراءهم. وافترض هتلر أن "تفوُّق العرق الآري" على الشعوب السلافية "الأدنى" كان كافياً للانتصار وتحقيق "مساحة للعيش" في الشرق. وكررت الولايات المتحدة مثل هذا الخطأ في حرب فيتنام. لقد اعتقد وزير الدفاع ماكنمارا أن التفوق العسكري الأميركي كافٍ لانهيار فيتنام الشمالية. لكن خوض حرب من دون إجراء نقاش عميق للعلاقة بين أهداف الحرب والوسائل المناسبة لتحقيقها خطأ كلاسيكي في التاريخ، وهذا ما يحدث لنا أيضاً.
إن الضغط العسكري يؤدي إلى تحقيق جزئي للهدف الأول للحرب، ضرب القوة العسكرية لـ"حماس"، لكنه لا يؤدي إلى تحقيق الأهداف الأُخرى: إعادة كل المخطوفين وإسقاط حُكم "حماس". لذلك، ثمة حاجة إلى استراتيجيا أُخرى موجهة ضد نقاط ضُعف العدو، وليس ضد نقاط قوته.