أنّي لريشة رسّام أو قلم أديب أن يجيد رسم المشهد الغزاوي القسّامي أمام السرايا لحظة تسليم المفتاح الذهبي الذي به ستفتح زنازين حرائر فلسطين ؟
لو أراد ذلك أعتى المخرجين السينمائيين وقيل له وسّع خيال العزّة البشريّة لديك واصنع لنا أعظم مشهد عزّة قد تصل الى صناعته مجموعة بشرية تخرج من تحت الركام وحرب الابادة البشرية المدعومة من كل قوى الشر والبغي العالمية؟ اختر المكان الذي تريد وخذ من الابطال والكومبرس والديكور والمعدّات وهندسة المكان والاضاءة والمؤثرات الصوتيّة، هل يستطيع مخرج أن يصنع ما صنعته يد المقاومة وهل كان لديها متسع من الوقت لتخطط وتحضر وتخرج؟
لقد وصل المشهد العالم كلّه كما وصل أعماق القلوب ليحفر في الواعي واللاواعي مكانا لا يغيب أبدا، لقد أتقنوا فنون الاخراج الحقيقي وليس السينمائي وبإبداع فذّ منقطع النظير، طريقة الانتشار والتسليم وحشد الجماهير وتحميل المشهد العديد من الرسائل المهمة والقوية، رسائل سياسية عن اليوم التالي للمعركة ورسائل معنوية تغسل ما علق في النفوس من تعب وكدر ورسائل انسانيّة تجيّش المشاعر مع القيمة الانسانية العالية للانسان الفلسطيني الذي يستحق تحريره كل ما دفع من ألم وتضحيات غالية عزيزة عظيمة..
انساننا أغلى على مقاومته وشعبه من انسانكم على زمرة ترتكب التوحش بأبشع صوره وترتكب الابادة الجماعية.
سيأتي يوم لتصنع السينما هذا المشهد وتعيد إخراجه تمثيلا ولكنها لن تصل ما وصل إليه هذا المشهد اليوم ..
وختم المشهد بظهور الملثّم ليضع نقاطه على حروف المشهد بكلّ براعة وروعة وصدق وجمال، وليكتمل طوفان الوعي مع طوفان الاقصى بكلّ حفاوة وجلال.