قائد العملية العسكرية في طولكرم يريد البقاء شهوراً أُخرى

الكاتبة الإسرائيلية: هاجر شيزاف

هآرتس

دمّر الجيش الإسرائيلي معظم الطرق في مخيم اللاجئين في طولكرم، وهذه ليست المرة الأولى.  قال قائد اللواء الإقليمي أفرايم، العقيد ن، خلال جولة قام بها مع الصحافيين: "يبدو لي أننا كشفنا عن هذه الطريق في السنة الماضية 4 أو خمس مرات". التكرار في عمليات الجيش في مخيم طولكرم للاجئين، وفي سائر مخيمات الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين، واضح للعيان. دخول قوات كبيرة، تدمير الطرقات التي دُفنت فيها عبوات، هجمات من الجو، واعتقالات، هذا كله جرى مرات ومرات. وتأكيداً لهذه الحركة الدائرية، يسمّي قائد اللواء العملية بـ"استمرار السور الواقي"، أي العملية التي شُنّت قبل أكثر من 20 عاماً.

شوارع المخيم خالية تماماً من الناس. وبعكس الموقف الرسمي، اعترف قائد اللواء بأن الجيش الإسرائيلي نقل سكاناً من المخيم، لكنه ادّعى أنهم نُقلوا إلى مناطق لا يوجد فيها قتال، ويواصلون حياتهم العادية هناك. وبحسب تقدير الجيش، جرى تهجير نحو 2000 شخص من سكان المخيم، لكن الفلسطينيين يتحدثون عن أرقام أكبر كثيراً. وقال محافظ طولكرم، صباح أمس، إن 9000 من سكان المخيم تقريباً هُجّروا من منازلهم.

وعلى الرغم من أن الدخول إلى المخيم يبدو مشابهاً لعمليات الدخول السابقة، وربما أكبر كثيراً، فإن عدة أمور لم يتحدث عنها الجيش في الماضي، والآن، يناقشونها وينفّذونها عملياً: هدم المنازل في مخيمات اللاجئين، بهدف توسيع الشوارع من أجل وجود عسكري مستمر. في الأول من أمس، هدم الجيش منازل في مخيم اللاجئين في جنين من أجل هذا الهدف بالذات، ونشر فيديوهات تُظهر تفجير المباني وتصاعُد الدخان. استناداً إلى العقيد ن، الذي يُمنع نشر اسمه، بحسب السياسة الجديدة للجيش الإسرائيلي، على الرغم من ظهوره في ويكيبيديا، وفي غوغل، فإن الجيش مهتم بأمر مماثل في طولكرم.

يقول قائد اللواء: "هناك نقاط مرتفعة في المخيم يتحصن فيها مسلحون. نحن نريد فتح الطرقات وهدم المنازل لأنه لا يمكن، حالياً، الوصول إلى هناك في مركبة مدرعة". وأضاف أنه يسعى لتدمير 6 منازل من أجل الوصول إلى قلب المخيم، ونقل طلبه للحصول على موافقة الجهات القانونية. في الماضي، دمّر الجيش منازل في مخيمات اللاجئين، لكن الأعمال هذه المرة مختلفة، والمقصود عملية مدروسة حصلت على موافقة المستوى السياسي، بينما في العمليات السابقة في مخيمات اللاجئين، دُمرت مبانٍ وجرى "حلقها" بواسطة جرافات ثقيلة للجيش، حتى عندما كانت الطرقات واسعة بما فيه الكفاية، لعبورهم عليها، أمّا الآن، فإن الجيش يُفجّر المباني في جنين.

في الأسبوع الماضي، صرّح وزير الدفاع يسرائيل كاتس بأن الجيش سيبقى في مخيم جنين للاجئين، حتى بعد انتهاء العملية. ويبدو من كلام قائد العملية في طولكرم أنه لا يختلف معه في ذلك، إذ قال: "نحن بحاجة إلى الاستمرار في العملية هنا، وعندما نخرج، سنحافظ على القيام بدوريات وعمليات راجلة". وفي اعتقاد الضابط ن أن الجيش بحاجة إلى الاستمرار في العمل في المكان من دون توقف في الأشهر المقبلة، ومن أجل هذه الغاية، هو بحاجة إلى مئات المقاتلين. ويضيف: "على الأقل، كتيبة تضم 200 إلى 300 مقاتل يقومون بدوريات وعمليات داخل المخيم يومياً".

استناداً إلى أرقام وزارة الصحة الفلسطينية، قُتل 68 شخصاً في عمليات الجيش في الضفة الغربية منذ بداية هذا العام، بينهم خمسة في طولكرم. كما اعتقل الجيش أكثر من 50 مشتبهاً فيه، وفجّر 45 عبوة ناسفة، وهي في نظر الجيش، تشكل التهديد الأساسي للجنود المتواجدين في المكان. وضمن إطار العملية، أقام الجيش حواجز على مدخل المستشفى في المدينة. في رأي قائد اللواء، أنه لا يمكن اعتبار كل سكان المخيم غير متورطين "في كل بيت، تجد عبوات وسلاحاً وخوذات واقية وثقوب رصاص". لكن الجيش لا يستطيع اعتقال كل هؤلاء الناس.

حالياً، يعمل الجيش في وقت واحد في مخيم جنين للاجئين، وفي طولكرم، وفي قرية طمون، وكلها تقع في شمال الضفة الغربية. ولاحقاً، من المتوقع أن تتوسع العمليات أيضاً، لتشمل مخيم نور شمس للاجئين، الموجود في مدينة طولكرم. قبل بضعة أسابيع، ومن أجل السماح بالعمليات العسكرية في أماكن مختلفة، وفي آن معاً، جرى توزيع الألوية من جديد في الضفة الغربية: لواء أفرايم بالقرب من مدينة طولكرم، بالإضافة إلى قلقيلية، ولواء منشيه تولّى منطقة طمون وطوباس، بالإضافة إلى جنين.

  طوال الجولة، كرر الجنود في الجيش رسالة، مفادها أن قرار العملية في شمال الضفة الغربية ناجم عن التخوف من إمكان تكرار ما حدث في 7 أكتوبر في الضفة الغربية أيضاً. وبينما لا تزال الصدمة واضحة في الجيش، من الصعب ألّا نرى تأثير الحملة المستمرة من طرف المستوطنين الذين دعوا إلى إعلان الحرب على الضفة، مع التشديد على خطر حدوث سيناريو شبيه بـ"المذبحة" التي وقعت في غلاف غزة، في المستوطنات والمدن في وسط إسرائيل.

في كانون الأول/ديسمبر، أرسل زعماء المجالس في "يهودا والسامرة" رسالة إلى أعضاء الكابينيت، يطالبونهم فيها بتغيير الاستراتيجيا في الضفة: "نطالب بتهجير سكان المناطق التي تُعتبر ’إرهابية’، وخصوصاً مخيمات اللاجئين". ولاحقاً، طالبوا بتفكيك البنى التحتية "الإرهابية"، تماماً مثلما حدث في قطاع غزة. وتدمير كل بيت يسكنه "إرهابي" وقتل كل "إرهابي"؟

بعد مرور شهر، وفي الوقت الذي جرى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، جرى تحديث أهداف الحرب في الكابينيت، وهي تشمل الضفة الغربية حالياً. ويمكن أن تشعر بهذه القرارات في الميدان: قوات عسكرية كبيرة في مخيمات اللاجئين، بيانات مضخمة بشأن عمليات لا مثيل لها، وزيادة الهجمات الجوية، وتهجير سكان المخيمات، وتكثيف الحواجز مثل الفطر الذي ينمو بعد المطر، وهو ما يعرقل حياة الناس. هذا كله يقود الضفة الغربية إلى نقطة غليان لم نشهد مثلها منذ بداية الحرب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023