لقد شكل استمرار مسيرة العودة نجاحًا هامًاللفلسطينيين، وخاصة أولئك الذين يعيشون تحتز حصار القريب والبعيد وعلى رأسهم عائلة الطفل الشهيد محمد أيوب، والذي أصر ومعه عشرات الآلاف على المشاركة في جمعة الشهداء والأسرى، رغم الأحوال الصعبة ومنها قطع الأرزاق والرواتب؛ حتى تحقق المسيرة أهدافها النبيلة في العودة وفك الحصار، مفشلين بذلك كل محاولات دولة الاحتلال ومراهناتها على نجاح تدخل بعض حلفائها في المنطقة -وهم كثر -؛ لوقف أو إضعاف أو حرف مسار مسيرة العودة.
يفهم المحتل تماما؛ ولذلك يخشى من نجاح مسيرة العودة في استمرار إشعال جبهة متوقدة جديدة ضد إسرائيل،والأدهى أنها بالنسبة إليه مرشحة للتصاعد لا التراجع، بما يشكله ذلك من استمرار لحالة الضغط على قواتها المستنفرة والمستهلكة على حدود قطاع غزة في وقت هي بأمس الحاجة فيه للتفرغ للتهديدات الخطيرة والمتزايدة القادمة من الشمال.
إن استمرار جبهة العودة على طول الحدود مع قطاع غزة يعني إجبار اسرائيل على الدخول في حرب استنزاف من نوع آخر، وعلى شكل مقاومة شعبية تتحيد فيها القوة الإسرائيلية الغاشمة كسلاح الطيران وغيره،مما يشكل ضربة لكل نظريات واستراتيجيات الأمن القومي الإسرائيلي القائم على الردع أو الحسم وإنهاء المهمة بأسرع وقت ممكن دون الدخول في مصيدة أو ورطة الاستنزاف.
لقد كان لافتا تصريح أو ردة الفعل الصبيانية لوزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان أثناء جولته على حدود قطاع غزة في جمعة الشهداء والأسرى، وبصحبة قائد المنطقة الجنوبية الجنرال زامير والمنسق الجنرال مردخاي، حيث أكد الوزير "البطل" أنه لا يرتدي السترة الواقية من الرصاص؛لأنه لا يخشى من تهديد قناصة المقاومة الفلسطينية المنتشرين في مواقعهم المناسبة في قطاع غزة،مما يدل أيضا وبوضوح على عمق التأثير النفسي الذي تركته أشرطة الفيديو التي نشرتها المقاومة، والتي يظهر فيها أكثر القادة الأمنيين حذرا وتحصنا في مرمى القناصة الفلسطينيين، مما استدعى قيامه بجولة استعراضية على الحدود مع قطاع غزة ليس من باب الجرأة على ما يبدو، وإنما بعد تأكدهم من قرار المقاومة ومن مدى التزام وانضباط قناصتها بهذا القرار، القاضي للحفاظ على وسائل الشعبية لمسيرة العودة الكبرى، وهكذا تستمر مسيرة العودة في مراكمة الانتصارات الجزئية؛ حتى تحقيق أهدافها العادلة والمشروعة .