الطوفان الأقصى يجتاح مدينة نيويورك

الدكتور فايز ابو شمالة

عضو مجلس وطني فلسطيني

وكيف لا يفرح أهل غزة بفوز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك؟ وهم الذين اكتووا بنار الصواريخ الأمريكية التي قصفهم بها العدو الإسرائيلي؟

وكيف لا يفرح الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية بفوز زهران ممداني، وهم يسمعونه يقول بجرأة وشجاعة: سأعتقل رئيس وزراء إسرائيل الإرهابي نتانياهو في حالة دخوله مدينة نيويورك؟  

وكيف لا تصفق شعوب الأرض، وهم يسمعون زهران ممداني، يعلي كلمة الحق الفلسطيني، ويعلن صراحة عن دعمة للقضية الفلسطينية، واتهامه العدو الإسرائيلي بممارسة حرب إبادة جماعية ضد أهل غزة؟  

وكيف لا يتنفس الناس الصعداء مع زهران ممداني الذي يرفض أن يضفي القداسة على فوزه بزيارة إسرائيل، كما تبجح بذلك المرشحون الآخرون لمنصب عمدة نيويورك، وقال: إنه لن يزور إسرائيل التي تمارس حرب الإبادة الجماعية ضد أهل غزة، ومع ذلك سأهتم بأحوال اليهود في نيويورك، مثلهم مثل غيرهم من شعوب وأعراق المدينة، لذلك لا غرابة أن يصوت 40% من يهود نيويورك لصالح زهران ممداني، بمن فيهم شخصيات سياسية وقيادية وازنة في السياسة الأمريكية، مثل عضو الكونجرس اليهودي برني ساندرز، ليتهم الرئيس الأمريكي تراب كل من يصوت لصالح المرشح زهران ممداني بالجنون.

ولا ينكر عاقلٌ أن غزة كانت حاضرة بدمائها وتضحياتها في قلب الانتخابات الأمريكية لعمدة نيويورك، لقد غيرت الحرب على غزة عقلية الشعب الأمريكي، وفرضت على ساحة الوعي الأمريكي معطيات سياسية جديدة كانت مجهلة بالنسبة للشعب الأمريكي، الذي تعود أن يتغذى على الأكاذيب التي تروجها وسائل إعلام أمريكية تخضع للوبي اليهودي.

لقد دخلت غزة ومن خلال عدالة القضية الفلسطينية، ومن خلال بطولة مقاومتها، ومن خلال صور الدماء والضحايا المنتشرة عبر محطات التواصل الاجتماعي، دخلت غزة إلى كل البيوت الأمريكية والمدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات والشركات، واحدثت الانقلاب التاريخي في عقلية الشعب الأمريكي الذي اعتبر 60% من الشباب أن حركة حماس أفضل من إسرائيل وذلك وفق استطلاع رأي أجرته جامعة هارفرد الأمريكية بالتعاون مع مؤسسة هاريس، في الوقت الذي اعتبر 61% أن إسرائيل تمارس حرب إبادة جماعية ضد أهل غزة، وذلك وفق استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة واشنطن بوست، وقد تجاوزت نسبة المؤيدين للقضة الفلسطينية بدرجات كبيرة نسبة المؤيدين للعدو الإسرائيلي، الذي كان يستفرد إعلامياً بالساحة الأمريكية، حتى جعل من أمريكا خلفية أمنية واقتصادية وسياسية للعدوان الإسرائيلي.

فوز زهران ممداني يمثل رأس الجبل الجليدي الكامن في عمق التحولات الجذرية في السياسة الأمريكية، ونقطة الانطلاق لتحرر الشعب الأمريكي من هيمنة اللوبي اليهودي المتمثل بمنظة "إيباك" ، وهذه دعوة صريحة لشعوب أوروبا بأن تستكمل حرب التحرر من الهيمنة الصهيونية، وهم الذين خرجوا بالملايين نصرة لأهل غزة.

فوز زهران ممداني هزة اجتماعية وسياسية وثقافية وإعلامية ستحرك شعوب الأرض كلها، للبدء في معركة التحرر من الغزو الصهيوني، والتخلص من مرحلة العلو الكبير التي صعد إلى قمتها الصهاينة، وهم يمارسون التسلط والتجسس على كل دول المنطقة، ويغرزون سكاكين أحقادهم في عنق أهل غزة أمام الفضائيات لأكثر من سنتين، دون خشية من غضب العالم، ودون خوف من ردة فعل حكومية.

اليوم، يتبدل المشهد، وتتغير معادلات الوعي الإنساني، وتنهار الأكذوبة الصهيونية، لتطفو على سطح السياسة الدولية راية التحرر من الاحتلال والعدوان التي رفعها أهل غزة، راية حمراء مغمسة بالدم والتضحيات، إنها راية الحرية والإنسانية التي لوّح بها زهران ممداني، وهو يخوض مع الشعب الأمريكي معركة التحرر ضد الهيمنة الصهيونية.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025