نيك فوينتس نازيّ جديد يعجب بهتلر المحافظون في الولايات المتحدة لا يرون في ذلك مشكلة

هآرتس

نتنئيل شلوموفيتش

ترجمة حضارات

نيك فوينتس، في سن السابعة والعشرين فقط، هو نازيّ جديد ذو خبرة تقارب عقدًا كمقدّم بودكاست ومؤثّر على الشبكات، حتى وقت قريب، اعتاد الجمهوريون الابتعاد عنه كما لو كان نارًا، حتى دونالد ترامب، الذي لا يعتاد الاعتراف بالخطأ، اضطر للدفاع عن نفسه بعد أن كُشف في عام 2022، أنّ كانيه ويست أحضر فوينتس إلى عشاء في مزرعته.

كل ذلك تغيّر هذا الأسبوع، بفضل مقابلة حاضنة ومدلّلة تلقّاها فوينتس لدى تاكر كارلسون، والدعم الكامل الذي حظي به البثّ من “معهد هيريتيج” المؤثر، كارلسون، أحد الصحافيين الأكثر تأثيرًا في الولايات المتحدة، دعا فوينتس إلى الاستوديو المنزلي في ولاية مين، تحدّث معه لأكثر من ساعتين عن مسار الحياة الذي قاد شابًا ليبرتاريًا إلى أحضان الأيديولوجيا النازية، وتوّجه كشخص يستحق الإصغاء إليه.

وعندما تُصغي إلى فوينتس، يصعب ألّا تشعر بالاشمئزاز: “اليهود مسؤولون عن كل حرب في العالم”؛ “لا أريد علاقة، أريد أن ينتصر الآريون”؛ “كثير من النساء يُرِدن أن يُغتَصَبن، أن يُسحَقن”؛ أو “هتلر كان رائعًا حقًا”، ويشبّه اليهود الذين احترقوا في معسكرات الإبادة بالكوكيز، ويدّعي أن عدد المقتولين مُلفّق: “إذا كان يستغرق ساعة لخبز صينية كوكيز واحدة، وهناك 15 فرنًا تعمل 24 ساعة على مدار خمس سنوات، كيف يصل العدد إلى ستة ملايين كوكيز؟”.

الصحافي ويل سومر، صاحب النشرة الإخبارية “False Flag” التي تتناول اليمين المتطرف، قرر أنّ “هذه أخطر مقابلة جرت يومًا في وسيلة إعلامية تابعة لـMAGA. كارلسون تركه يقول ما يريد، مثل رأيه باليهود، ثم قال له: ‘لا أصدّق أنهم يلغونك بسبب هذا’. كارلسون فتح له الباب، وجعل سياسته شرعية داخل المعسكر الجمهوري”.

صعود فوينتس يرمز إلى العمليات المخيفة التي تمرّ على الحزب الجمهوري، في السنة العاشرة لحساب دونالد ترامب، اشتباكاته المتلفزة مع الناشط اليميني تشارلي كيرك خلال العقد الأخير اعتُبرت معركة ممثلي جيل المستقبل في الحركة الترامبية. الآن، بعد مقتل كيرك، وبفضل المقابلة البارزة، يبدو أنّ فوينتس يعبّر عن مرحلة جديدة في الترامبية، حيث لم تعد معاداة السامية سببًا لإخراج أحد خارج المعسكر، من لم يعرف فوينتس قبل المقابلة، تعرّف عليه عبر كارلسون بوصفه شابًا مسيحيًا، وطنيًا، يكافح “التهديدات نفسها”: اليسار، النسوية، ومجتمع الميم.

نيك فوينتس يدافع عن هتلر بوصفه “رجل دولة ألمانيًا” بينما يستخف بـ“السرد الكرتوني غير المنطقي” حول الهولوكوست: “كانت هناك أيضًا معسكرات موت ضد الألمان. كانت هناك الكثير من المعسكرات، كانت هناك معسكرات في كل مكان”.

فوینتس وُلد في 1998 لعائلة كاثوليكية في ضاحية من ضواحي شيكاغو، في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2016 عرّف نفسه حينها كليبرتاري وتطوّع في حملة السناتور راند بول، بعد صعود ترامب وانتخابه رئيسًا، بدأ دراسته في جامعة بوسطن، حيث حاول إثارة الاستفزازات ومرّ براديكالية متسارعة. خلال أقل من عام، وفي سن التاسعة عشرة، كان واحدًا من مئات النازيين الجدد الذين ساروا في شارلوتسفيل وهم يهتفون: “لن يحلّ اليهود محلّنا”.

كان ذلك خطًّا فاصلًا في الولاية الرئاسية الأولى لترامب، الرئيس صدم الولايات المتحدة والعالم عندما أصرّ على أنه في شارلوتسفيل كان هناك “أناس طيبون على الجانبين”، الفوضى في شارلوتسفيل غيّرت حياة فوينتس، بعد أن كشف ناشطون يساريون هوية السائرين، حصل فوينتس حينها بالضبط على ما أراده، شهرة بحجم عالمي. ولم يضيّع الفرصة.

لم يعد إلى الجامعة، بدلًا من ذلك أطلق مسيرة إعلامية، وحوّل قبو بيت والديه إلى استوديو بودكاست، منذ 2017 يقدّم من هناك برنامجه الشبكي “أميركا أولًا”، الذي لا يزال يحصد المزيد من المشاهدين، برز منذ اللحظة الأولى كرجل إعلام موهوب ودهاء، تعلّم مواءمة النازية الأوروبية مع اليمين الأميركي وثقافة الشبكات لدى جيل زد، يكافح الأكبر سنًا لفهم كيف يحتفل بعيد ميلاد ستالين في لحظة، ويمدح هتلر في لحظة أخرى، يحمل عداوة خاصة لغير المسيحيين، ولـ“يهود خونة” يُفترض أنهم يمارسون عبادة أوثان: “عندما نأخذ الحكم”، صرّح، “سينالون عقوبة الإعدام”.

مثل آلاف آخرين، اقتحم فوينتس مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير 2021. ومثل كثيرين منهم، وثّق نفسه في الزمن الحقيقي لأجل متابعيه. بعد محاولة الانقلاب، أزيح فوينتس، مثل ترامب، من كل المنصّات.

كانت المنفى قصيرة، إيلون ماسك أعاد حساب فوينتس بعد أن اشترى تويتر وحوّله إلى شبكة X، في أول تغريدة بعد عودته، اتّهم كل مشاكله باليهود الذين يسيطرون على الإعلام، ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أعادت فيسبوك ويوتيوب لفوينتس مكبّرات الصوت، اليوم لديه نحو مليون متابع ومشاهد على المنصات المختلفة، ومئات آلاف المشاهدات والاستماعات لكل حلقة.

فوينتس في تجمّع لأنصار ترامب في واشنطن، عام 2020

قال في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن حماس: “حزب الليكود الإسرائيلي يسيطر على حكومتنا، وعدوّ عدوّنا صديق”، ثم حثّ متابعيه على الجلوس جانبًا والاستمتاع بتبعات الحرب التي بدأت للتو في غزة: “ستقع إسرائيل في الفخ الذي نصبته لها حماس، سترتكب إبادة جماعية في غزة، ثم ستنقلب عليها كل الرأي العام العالمي، وسيتراجع مكانتها ونفوذها. لذلك علينا أن ندعم هذه الحرب، لأنها الخطوة الاستراتيجية الصحيحة لنا ولكل من يعادي النظام الليبرالي”.

تكرار نقده لليكود ولبنيامين نتنياهو هو جزء من منظومة فكرية تمحو كل حدّ بين يهود الولايات المتحدة ويهود إسرائيل، وترى فيهم كتلة واحدة تعمل لتحويل المسيحيين البيض إلى أقلية.

يزدري فوينتس تخليد ذكرى الهولوكوست (“إنهم يبالغون”) ويُسَوّق عنصريته بوصفها “واقعية عرقية” تجاه “المؤامرة اليهودية”، تشمل عنده مليارديرات يمينيين مثل شلدون أدِلسون وبيل أكمان، ومفكّرين مؤثرين في اليمين مثل يورام حزوني، جميعهم بحسبه، يضرّون بالعرق الأبيض، حتى نائب الرئيس فانس نال نصيبه منه بسبب زواجه من امرأة ذات أصول هندية: “كيف يمكن الوثوق به ليحافظ على نقاء العرق الأبيض؟”.

مع ذلك، ملايين المشاهدين في بثّ كارلسون الأسبوع الماضي جمهور أكبر بأضعاف. على مدى أكثر من ساعتين أدار كارلسون الحديث الحميم ليُظهر للمشاهدين كم هو طبيعي فوينتس، وكم هو طبيعي المسار الذي مرّ به، ولماذا يستحق الإصغاء لرأيه المفصّل. “سيقول لي الناس: ‘أنت نازي، أنت تحب فوينتس’، وأريد أن أشرح لهم: ‘لا أظنّ أن فوينتس سيزول إلى أي مكان. بن شابيرو حاول خنقه وهو بعدُ في قماطه الجامعي، وها هو اليوم أكبر من أي وقت مضى’”، شرح كارلسون للمشاهدين لماذا دعا فوينتس للمقابلة.

“جسدك، خياري، إلى الأبد“.

يردّ فوينتس على انتخاب ترامب لولاية ثانية: “جسدك، خياري، إلى الأبد”.

كارلسون، كعادته، لا يكشف دوافعه الحقيقية ويتظاهر بالسذاجة، كما يفعل عادة، منذ إقالته من “فوكس نيوز”، وبعد أن تاه في صحراء الشبكات الاجتماعية، صعد طريقه مجددًا إلى قمة الإعلام الجديد حين نسج شراكة مع إيلون ماسك للترويج لبودكاسته، الآن يرسّخ كارلسون مكانته كشخصية الأكثر تأثيرًا في الحركة بعد ترامب ومن يمكنه وراثة الحزب بعد ثلاث سنوات، خلال العام الماضي يستضيف عددًا متزايدًا من الغريبي الأطوار والمعادين للسامية، الذين يمثّلون شريحة غير قليلة بين ناخبي MAGA، تفسير ممكن قدّمه سومر وآخرون هو أن كارلسون يفهم ما فهمه ترامب، جمهور فوينتس القومي قاعدة انتخابية مهمة، وفي معركة الوراثة المقبلة كل قاعدة تُحسَب.

كارلسون يفهم شيئًا عن الجيل القادم للحركة

كشف موقع “بوليتيكو” الشهر الماضي قدّم لمحة مهمّة عن جيل شاب يختلف جوهريًا عن أسلافه الجمهوريين، هؤلاء ليسوا أشخاصًا وصلوا إلى الحزب ثم شاهدوا ترامب يهيمن عليه، هؤلاء شباب وصلوا إلى الحزب أصلًا لأنهم أحبوا ترامب. كشف الموقع مراسلات قيادة الجمهوريين الشباب، حيث ظهر أن النكات المعادية للسامية ودعم النازيين هي “البون تون”، كتب ناشط واحد صراحة: “أنا أحب هتلر!” واعترف مسؤول آخر بأنه “لدي ميول نازية”، آخرون اكتفوا بالتندّر حول غرف الغاز.

رئيس “معهد هيريتيج”، كيفن روبرتس، يعيش وسط قومه الشعبوي، منظّمته جزء أصيل من المؤسسة الجمهورية، وتعمل كخط إنتاج لكبار موظفي الإدارة، ولمقترحات القوانين والأوامر التنفيذية، وثيقة “القيادة 1981” التي أنشأها المعهد شكّلت برنامج عمل محافظ لإدارة رونالد ريغان، ووثيقة “مشروع 2025” شكّلت برنامج عمل شعبوي لإدارة ترامب. آنذاك، كما اليوم، يُظهر المعهد مرونة أيديولوجية ما داما قاعدتين قائمتين: الارتباط بأي رئيس جمهوري مهما كان الثمن، ودفع مصالح المانحين الاقتصادية.

وقّع المعهد العام الماضي اتفاق تعاون مع بودكاست كارلسون، بعد العاصفة التي أشعلتها مقابلة فوينتس، نشر روبرتس مقطع فيديو لا يقل إثارة: “أريد أن أوضح أمرًا واحدًا: يمكن للمسيحيين انتقاد إسرائيل دون أن يكونوا معادين للسامية… ولائي للمسيح أولًا ولأميركا دائمًا”.

أضاف روبرتس: “حين يكون للولايات المتحدة مصلحة في التعاون مع إسرائيل ودول أخرى، علينا أن نفعل ذلك، في الأمن والاستخبارات والتكنولوجيا”، لكن عند غياب مثل هذه المصلحة، أوضح، “لا ينبغي للمحافظين أن يشعروا بالالتزام بدعم أي حكومة أجنبية تلقائيًا، مهما كان الضغط الذي يمارسه العولميون وأبواقهم في واشنطن. لن يستطيع معهد هيريتيج أن يكون عمود الحركة المحافظ إذا ‘ألغينا’ شعبنا أو ضبطنا المسيحيين، سندافع دائمًا عن أصدقائنا، وهذا يشمل تاكر كارلسون. من يُلغيه سيفشل”.

روبرتس، الخالي من الكاريزما، ليس مؤثّر شبكات بالضبط، ويُذكر أساسًا كمن وعد قبل الانتخابات بأن “الثورة ستحدث بلا سفك دماء، إذا سمح اليسار بذلك”، مع ذلك حصد مقطعه عشرات ملايين المشاهدات وتعرّض لانتقادات عديدة من داخل النخبة اليمينية.

المعلّق الشهير بن شابيرو وجّه نقدًا لاذعًا لكارلسون وفوينتس، وحذّر جون بودهوريتز، محرر مجلة “كامنترِي” النيو-محافظة، من أن “عمليات مشابهة أدت إلى إبادة أبناء شعبنا في أوروبا”.

سارع روبرتس للظهور في بودكاست محافظ في محاولة لإصلاح الضرر، قال: “كان ينبغي أن أكون محددًا وأدين فوينتس”، لكنه شدّد على أن معاداة السامية “مشكلة صغيرة في اليمين، بخلاف اليسار”.

ومع ذلك يبدو أنه على الأقل داخل هيريتيج، يبقى النازية المعلنة خطوة بعيدة جدًا. رئيس ديوانه، رايان نويهاوس، استقال؛ وهدّد مسؤولون إضافيون بالرحيل، وبعضهم رحل بالفعل؛ وعضو مجلس الإدارة، البروفيسور روبرت جورج من برينستون، نشر تغريدة مطوّلة قرر فيها أن الحركة المحافظة “لا يمكنها استيعاب عنصريين، ومعاديي السامية، ومؤيدي تحسين النسل”.

بينما علقت النخبة اليمينية في نقاش حول الفرق بين معاداة السامية ومعارضة نتنياهو، يستطيع كارلسون أن يبتسم بغطرسته المعتادة، بخلاف روبرتس، لم يرَ أي حاجة للاعتذار، في الواقع، الاعتذار الوحيد الذي قدّمه كان في المقابلة نفسها، عن الوقت الذي استغرقه حتى أدرك أن فوينتس “نجم صاعد”.

“الفرق الوحيد بين الليكود وحماس هو أن الليكود يمتلك أسلحة نووية.”

شيء واحد صحيح، فوينتس يزداد قوة، يجمع مزيدًا من المتابعين، مكانة أكبر، ومزيدًا من المعجبين. على تيك توك سُجّل ترند لنساء شابات يحاولن تقديم فوينتس كصوت العقل، ويشتكين من إخراج أقواله من سياقها، الآن يحصل على مكان داخل الخيمة الجمهورية بفضل كارلسون ومعهد هيريتيج.

أطلق المعهد هذا العام “مشروع أستير” الذي يفترض أنه يحارب معاداة السامية في الحُرُم الجامعية، بل واستأجر لأول مرة ثلاثة باحثين من خارج واشنطن، البروفيسور يوجين كانتوروفيتش من “منتدى كهِلت” وباحثين اثنين من “معهد مشغاف” الخاضع لسيطرة كهِلت، كانتوروفيتش لم ينتقد كارلسون علنًا، لكنه غرّد أنه “فخور أكثر من أي وقت مضى لكوني محافظًا”، أمّا حزوني، فعبّر عن صراحة تكاد تكون كوميدية في المؤتمر الأخير للقوميين الذي ينظّمه سنويًا، في كلمته الافتتاحية اعترف: “أنا مذهول نوعًا ما من حجم الشتائم ضد اليهود كما تظهر على الشبكة في السنة—السنة والنصف الأخيرة. لم أؤمن أن هذا يمكن أن يحدث في اليمين، كنت مخطئًا”.

“عندما بدأت مسيرتي في 2017”، كتب فوينتس العام الماضي، “اعتُبرت إشعاعيًّا في نظر كثيرين من أصدقائي في اليمين بسبب آرائي حول العِرق الأبيض واليهود، في 2023، يكاد كل موضوع أدعو إليه يكون على حافة التيار السياسي الرئيسي”.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025