– هآرتس
نتنئيل شلوموفيتش
السباقات الانتخابية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة تُوّجت بنجاح ساحق للديمقراطيين، ودروسها ستتردد حتى انتخابات منتصف الولاية عام 2026. ورغم أن زهران ممداني يثير الفضول، إلا أن حاكمة فرجينيا الجديدة هي الشخصية الأهم التي برزت هذا الأسبوع. وحتى لو اختار ديك تشيني في النهاية الجانب الصحيح من التاريخ، فإنه بقي شريرًا حتى يومه الأخير.
في ليلة الانتخابات الرئاسية في 5 تشرين الثاني 2024، أعلن دونالد ترامب أن فوزه في جميع الولايات الحاسمة منحه «تفويضًا واسعًا، قويًا وغير مسبوق» لإجراء إصلاح في أذرع السلطة. كانت تلك مبالغة صارخة بالنظر إلى الفارق الضئيل – 1.4% – بينه وبين كامالا هاريس. بعد عام تمامًا، ومع انتصار كاسح لمرشحي الحزب الديمقراطي في سباقات متنوعة، باتت هناك نتيجة واضحة: ترامب أخطأ، ونشأت البوادر الأولى لتحالف مناهض لحركته (MAGA). بين نيويورك وفرجينيا، بدأ اليسار الأمريكي بالعودة إلى الحياة.
الانتخابات التي جرت الثلاثاء في عدد من الولايات ليست عينة تمثيلية للشعب الأمريكي لأنها شملت سباقات محدودة، معظمها في ولايات «زرقاء» صوتت لهاريس. ومع ذلك، شكلت اختبارًا فريدًا يستند إلى حقائق لا إلى استطلاعات، لقياس مزاج الناخبين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. والأهم أن نتائجها منحت الحزب الديمقراطي تجربة أولى قبل انتخابات الكونغرس العام المقبل. التجربة، التي تضمنت انتصارات لتيار التقدميين وأيضًا لتيار الوسط-اليساري، اعتُبرت نجاحًا مدويًا ستتردد آثاره حتى انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني 2026.
زهران ممداني، المولود في أوغندا، رغم أن الدستور يمنعه من الترشح للرئاسة، جذب عددًا قياسيًا من الناخبين الشباب وأثبت أنه رصيد ثمين للحزب الديمقراطي في عهد ترامب. شعبويته المتفائلة وموقفه القتالي ضد الرئيس ذكّرا خصوم ترامب أن الحزب الديمقراطي قادر على اللعب في ملعبه. بخلاف الجيل الحالي من قادة الكونغرس، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، يعرف الديمقراطيون الجدد أن ناخبيهم يريدون مقاتلين يقفون بصلابة في وجه ديكتاتور محتمل.
لكن الاهتمام الإعلامي المفرط بممداني لن يُخفي أن الدرس الحقيقي للحزب يأتي من أبيغيل سبانبرغر، المنتخبة حاكمة لفرجينيا. فهي عميلة سابقة لوكالة الـCIA، وأول امرأة تُنتخب حاكمة في تاريخ الولاية الممتد 250 عامًا. في الكونغرس عُرفت بأنها ديمقراطية من الوسط لا تخشى مخالفة اليسار التقدمي، وانتقدت بشدة الدعوات إلى تقليص تمويل الشرطة كما وبّخت جو بايدن قائلة: «لم يُنتخب ليكون فرانكلين روزفلت، بل ليوقف فوضى ترامب». فوزها الساحق بفارق 15% جعلها نجمة صاعدة وربما مرشحة محتملة للرئاسة.
في نيوجيرسي، فازت كذلك عضوة الكونغرس السابقة مايكي شيريل، ضابطة بحرية سابقة، على منافسها الترامبي بفارق 13%. وفي بنسلفانيا فاز ثلاثة مرشحين ديمقراطيين لعضوية المحكمة العليا رغم الأموال الطائلة التي ضُخت لدعم الجمهوريين. الرسالة العامة بسيطة: الناخبون غاضبون، ويفرغون غضبهم في كل من يرتبط بترامب.
الكاتب ينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن ديك تشيني الذي توفي هذا الأسبوع عن 84 عامًا، واصفًا إياه بـ«دارث فيدر البيت الأبيض». فقد أعاد تعريف دور نائب الرئيس ليصبح الحاكم الفعلي في عهد جورج بوش الابن، وقاد السياسات العسكرية في غزو أفغانستان والعراق وسياسات الخصخصة الاقتصادية. في سنواته الأخيرة دعم كامالا هاريس قائلاً: «علينا أن نضع الدولة فوق الحزب ونحمي الدستور». ومع ذلك، يبقى إرثه كـ«شرير واشنطن» راسخًا في الوعي الأمريكي.
حتى يومه الأخير ظل تمثال «دارث فيدر» يزيّن سيارته كتذكير بأن الرجل الذي اختار في النهاية الجانب الصحيح من التاريخ، بقي في جوهره نذيرًا من عالم الظل السياسي الأمريكي.