عموس هرئيل
هآرتس
ترجمة حضارات
رغم التأخير في تقدم خطة ترامب والخلاف حول الجيوب التي يُحاصر فيها عناصر حماس، يبرز الإصرار الأمريكي على فرض استمرار تنفيذ الاتفاق، أما الهجمات في لبنان فتهدف إلى إحباط محاولات حزب الله المحدودة لإعادة بناء قوته، غير أن إبقاء نار الاحتكاك قد يخدم جهود الحكومة في صرف الأنظار عن أزماتها الداخلية.
منذ بداية العام أُجريت عمليات تمشيط وحُفرت مناطق واسعة في المنطقة التي يُعتقد أن جثة هدار غولدين مخفية فيها، إلا أن كل الجهود فشلت، أمس حمل الأسير السابق متان أنغريست لافتة باسم غولدين في مظاهرة بميدان المختطفين في تل أبيب، في ظل تجدد الأمل بإعادة الجثة بعد أكثر من أحد عشر عاماً.
في إسرائيل والولايات المتحدة يأملون أن يُقلَّص قريباً عدد القتلى المحتجزين في قطاع غزة إلى ثلاثة، يوم الجمعة أعاد تنظيم الجهاد الإسلامي جثة لئور رودئيف من كيبوتس نير يتسحاق، نائب منسق الأمن في الكيبوتس الذي قُتل في معركة 7 أكتوبر، وبذلك انخفض عدد القتلى المحتجزين في القطاع إلى خمسة.
ووفق التقديرات، يحتفظ الجهاد بجثة إسرائيلي أخرى قد يُعاد تسليمها قريباً. أما أمس، فأعلنت مصادر في حماس أنها عثرت في رفح على جثة الملازم هدار غولدين الذي قُتل في عملية “الجرف الصامد”، يارة رئيس الأركان أيال زمير لعائلة غولدين مساء أمس تؤكد أن إسرائيل تعتبر إعلان حماس موثوقاً.
توجد على الأقل جيبان داخل ما يسمى “المنطقة الصفراء”، يحاصر فيهما مقاتلون من الجناح العسكري لحماس خلف الخطوط الإسرائيلية في جنوب القطاع، أغلبهم داخل شبكة أنفاق في منطقة جنينة برفح، والبقية في مجمع تحت الأرض بخان يونس، وعددهم الإجمالي نحو 150.
تطالب حماس منذ أكثر من أسبوع بضمان ممر آمن لهم نحو المناطق الواقعة تحت سيطرتها غرب الخطوط الإسرائيلية، فيما ترفض إسرائيل علناً أي صفقة وتعلن أن عليهم الاستسلام أو الموت، في الكواليس، تبذل الوساطات جهوداً مكثفة لتسوية الأزمة دون مواجهة.
خلافاً للتقارير التي نُشرت في إسرائيل الأسبوع الماضي، لم تُحتجز جثة غولدين في نفس المجمع مع المقاتلين في رفح، الملازم غولدين، ضابط في لواء جفعاتي، قُتل في رفح يوم “الجمعة السوداء” في 1 آب / أغسطس 2014، لإعادة الجثة بعد أحد عشر عاماً أهمية رمزية كبيرة، فهي تُغلق ملفاً مؤلماً وتبعث رسالة بأن الالتزام الإسرائيلي بعدم ترك أي قتيل في ساحة المعركة لا يزال قائماً.
منذ مطلع العام نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات حفر واسعة تحت الأرض في المنطقة التي يُعتقد أن الجثة كانت مخفية فيها، كما استجوب عناصر كُثر من حماس دون نتيجة. وأمس عثرت حماس في حي تل السلطان، الواقع أيضاً تحت السيطرة الإسرائيلية، على الجثة، وفي المساء كانت الاستعدادات جارية لنقلها إلى إسرائيل بانتظار تأكيد الهوية النهائية.
في واشنطن يحاول الإدارة الأمريكية دمج تسوية مسألة الجيوب مع الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي يفترض أن تنسحب بموجبها إسرائيل من مناطق إضافية في القطاع.
حالياً يسيطر الجيش الإسرائيلي على نحو 50% من مساحة القطاع، لكن جزءاً منها يخضع لسيطرة نارية فقط دون وجود فعلي للقوات، كما يُفترض أن يشكل حل قضية رفح نقطة انطلاق لتجربة “منطقة تجريبية” تحت إشراف القوة المتعددة الجنسيات التي تأمل الولايات المتحدة نشرها في غزة، بحيث تُقدَّم فيها الخدمات للسكان العائدين مع منع دخول مسلحي حماس.
يتضح شيئاً فشيئاً، رغم التوترات حول تنفيذ الاتفاق، مدى تصميم الأمريكيين على فرض استمراره، فقد زار قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) الأدميرال براد كوبر إسرائيل نهاية الأسبوع للتأكد من عمل مركز التنسيق الأمريكي في كريات جات بالشكل المطلوب.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة، تعتزم الإشراف مباشرة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وعدم تركها تحت السيطرة الإسرائيلية.
في جنوب لبنان، تستمر يومياً هجمات سلاح الجو الإسرائيلي ضد عناصر ومواقع حزب الله.
وأكدت مصادر أمنية أن الجهد الإسرائيلي يتركز على إحباط محاولات محدودة لإعادة بناء القوة جنوب نهر الليطاني، ولا توجد مؤشرات حالياً على محاولات تهريب أو تصنيع أسلحة دقيقة في لبنان. وبعد عام من الحرب، تراجعت قوة حزب الله العسكرية بشكل كبير ويبدو أنه يتجنب المبادرة إلى عمليات هجومية جديدة.
لا يمكن أيضاً تجاهل السياق السياسي الداخلي في إسرائيل، ففي غزة، تضع إدارة ترامب كل ثقلها لترسيخ وقف إطلاق النار، ما يضع حكومة نتنياهو في موقف حرج، إذ اضطرت لقبول الاتفاق
والتنازلات المرافقة له خلافاً لوعودها السابقة بتحقيق “نصر كامل”.
إبقاء جبهة التوتر في لبنان، وربما تصعيدها لاحقاً، قد يخدم الحكومة الإسرائيلية كوسيلة لتشتيت الانتباه عن الإخفاقات في تسوية غزة وعن خطواتها لدفع “الانقلاب القضائي” إلى الأمام.