قناة 14 (C14)
طال براون
قطع عضو الكنيست منصور عباس مقابلة إذاعية. حصل «الانفجار المفاجئ» يوم الإثنين خلال برنامج في شبكة «كان ب»، حين أوقف عباس المقابلة لأنه رفض الإجابة على سؤال عمّا إذا كان يؤيد تفكيك حماس. سؤال «صعب» و«معقّد» و«متحدٍّ» لعضو كنيست في إسرائيل، خصوصاً بعد عامين من حرب بدأت بمجزرة «سمحت توراه».
معلّقون دافعوا عن عباس، بدافع محبتهم له أو تعاطفهم مع نهجه البشوش، وادّعوا أنّه يمكن تفهّم تهرّبه. فهو في نهاية المطاف حاول أن لا يُدرَج في الإحصاءات الدموية للمجتمع العربي الإسلامي «المتسامح»، المعروف بتعدديته تجاه الآخر المختلف عن «الكود» الاجتماعي المتوقع.
يجدر التذكير بأنّ عباس واجه صعوبة في مقابلة تلفزيونية في «واجهوا الصحافة» في أكتوبر 2022 مع الادعاء بأن حزبه والحركة الإسلامية أعربا عن الأسف لوفاة عدو إسرائيل الشيخ د. يوسف القرضاوي. كما واجه صعوبة في شرح المقارنات التي عقدها في تصريحاته بين الصهيونية وقادة إسرائيليين من جهة، والنازية وهتلر من جهة أخرى.
تحدّث منصور عباس في ديسمبر 2023 إلى شبكة CNN، حيث دعا التنظيمات الإرهابية إلى إلقاء السلاح والتركيز على نضال سياسي لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. بعد المقابلة، وبسبب انتقادات واسعة من الجمهور العربي، أوضحت قائمة «راعم»، التي يترأسها هو نفسه، أنّ الدعوة لإلقاء السلاح تكون فقط بعد قيام دولة فلسطينية.
لكلّ من يُطبّع ويُبدِي تعاطفاً مع عضو الكنيست منصور عباس، ويراه شريكاً محتملاً ولاعباً سياسياً «مجازاً»، ينبغي الإيضاح: عباس أثبت تمسّكه بمواقفه وخط حزبه وروح الإخوان المسلمين. لذا، فإنّ الادعاءات الموجّهة ضده بسبب تهرّبه من جواب مباشر وحاد وواضح على سؤال إدانة حماس، يجدر توجيهها لقادة دولة اليهود. إحدى الدول القليلة في هذا الجزء من الشرق الأوسط التي تمنح منبراً ومكانة وهيبة لمؤيدي الإخوان المسلمين، في الحيّز العام الإسرائيلي عموماً، وفي الكنيست خصوصاً.
ينبغي توجيه الادعاءات لأولئك الذين «ينقرون بألسنتهم»، قلقين ومتخوّفين بنفاقهم أو بجهلهم على مستقبل مدينة نيويورك بعد انتخاب أوّل رئيس بلدية مسلم لها — ظاهرًا، ظهران ممداني. وذلك بينما، في دولة إسرائيل، يعمل الإخوان المسلمون تقريباً بلا عائق، بدوctrine واضحة للهيمنة المنهجية على مؤسسات المجتمع والدولة بـ«طرق لطيفة»، والغاية واضحة لهم على الأقل: تدمير دولة إسرائيل.
منصور عباس وحزبه مُعرّفان مع الإخوان المسلمين، وهي حركة جماهيرية إسلامية تقوم رؤيتها على الإيمان بأن «الإسلام هو الحل». في صلب أيديولوجية الإخوان المسلمين السعي إلى نهضة إسلامية وإقامة حكم شريعة إسلامي (خلافة) عالمية على أنقاض الليبرالية الغربية، التي سيستغلونها لاحتياجاتهم بطرق مختلفة، ومنها «الطرق اللطيفة» والسيطرة البطيئة ولكن المنهجية على مكوّنات المجتمع والسلطة على حد سواء.
لا ينبغي أن نُخدع بالصوت الرقيق وحلاوة اللسان والابتسامة الدافئة لزعماء عرب مثل عباس وأمثاله. ترى الحركة أرض إسرائيل وقفاً إسلامياً، وتنفي حق إسرائيل في الوجود، وتعادي اتفاقات السلام وكل تسوية معها. وهي متمسكة بخط معادٍ لليهود على نحو ثابت وتعمل على نشر أفكار معادية لليهود، كما ألمحَت إليه أقوال عباس المذكورة سابقاً.
يجدر التذكير والتذكير مجدداً بأنّ حركة حماس — وهي ابنة للإخوان المسلمين وبذلك «قريبة» للحزب الإسرائيلي — اكتسبت مكانتها في أوساط العرب على مرّ سنوات وجودها منذ تأسيسها على يد «الإرهابي» أحمد ياسين ورفاقه.
استغلّت حماس لسنوات «سذاجة» دولة إسرائيل الديمقراطية وسعيها وراء «أوهام السلام»، كي تترسّخ جيداً، وتنمو، وفي النهاية تسيطر وتهاجم إسرائيل بقوة. وعلى غرار حماس، تعمل أيضاً فروع أخرى للإخوان المسلمين، أحياناً تحت أسماء أخرى في محاولة لإخفاء طريقها ونيّتها «الحقيقية الطاهرة».
الحركة الإسلامية، وحزب «راعم» وأخريات، يستغلّون الديمقراطية والقانون في إسرائيل للتقدّم والتجذّر التدريجي واللاعنيف في المجتمع والسياسة المحليّة. وذلك بفضل «سذاجة» مواطني إسرائيل وقادتها الذين يرفضون الاعتراف بالواقع واستيعاب ماهيته وتبعاته المستقبلية. مواطنون وإعلاميون وقادة يحاولون مجابهة قيادة عربية بلطف شديد على أمل أن يسمعوا منها ما يريدون هم سماعه، لا الحقيقة بالضرورة.
هل سنستيقظ في الوقت المناسب؟ ألا نتعلّم شيئاً من التاريخ أو من دول مجاورة كالسعودية ومصر والأردن، حيث أُخرجت الحركة الإسلامية خارج القانون، وفي بعضها صُنّفت حتى كتنظيم إرهابي؟