بقلم/ وليد الهودلي
الشهادة التي أدلت بها الفتاة المغتصبة تُذكِّر بيهود بني قينقاع، الذين كشفوا عورة امرأةٍ مسلمة، فأُعلنت الحرب، وتمَّ إجلاؤهم عن المدينة.
اليوم، تتكرر الصورة ذاتها في وجه أمةٍ نائمة، وحكامٍ صامتين، ونحن الفلسطينيين، نتساءل: ماذا نحن فاعلون؟
الاغتصاب من أبشع الجرائم في المجتمعات الغربية، لأنه اعتداء على حرية الإنسان قبل أن يكون انتهاكًا لعرضه.
أما في الإسلام، فالأمران معًا مقدسان: حرية المرأة وعِرضها، وهما في قلب منظومة القيم الإيمانية.
لم يجرؤ الصهاينة على المساس بهذا الخط الأحمر منذ بداية الاحتلال، حتى جاءت هذه الحرب، فتجرؤوا وتجاوزوا كل الحدود، كاشفين عن وحشيتهم وسقوطهم الأخلاقي الكامل.
إن الطريقة التي ارتُكبت بها هذه الجريمة النكراء تستفزّ الصخر، وتضرب في أعماق كرامتنا، وتدوس على ما تبقى فينا من قيمٍ واحترامٍ للذات.
ولا بدّ أن تتولد عنها ردّات فعل تليق بأمةٍ دينُها قائمٌ على الكرامة والغيرة والنخوة.
لقد جاءت امرأة إلى سوق بني قينقاع لتبيع بضاعتها، فجلس إليها بعض اليهود يسخرون منها، ويطلبون أن تكشف وجهها، فأبت.
فأخذ أحدهم طرف ثوبها وربطه إلى ظهرها دون أن تشعر، فلما قامت انكشف جسدها، فضحكوا منها.
فصرخت المرأة، فقام رجل مسلم كان قريبًا منها فقتل اليهودي الذي فعل ذلك، فانقضّ يهود بني قينقاع على المسلم وقتلوه.
فأمر النبي ﷺ بمحاصرتهم في حصونهم، واستمر الحصار خمس عشرة ليلة حتى استسلموا وألقوا السلاح.
ثم حكم النبي ﷺ بإجلائهم عن المدينة، لأنهم نقضوا العهد واعتدوا على الدماء والعِرض.
اليوم، تُعاد القصة نفسها — بأسماءٍ مختلفة وأزمانٍ متغيّرة — بل أشد سوءا وأسوأ قذارة وحقارة وتتضافر عليها كلّ أقطاب هذا المجتمع النجس، حكومة وشعبا وجنودا وشرطة واعلاما، كلّهم يقفون مع المغتصب والأكثر سفالة وحقارة.