هآرتس
نحميا شترسلر
ترجمة حضارات
هذا الأسبوع خطت إسرائيل خطوة كبيرة أخرى نحو تحولها إلى دولة منبوذة، مُقاطَعة، مطرودة، لا مكان لها بين دول الغرب، حدث ذلك مساء الاثنين، عندما صادق الكنيست بالقراءة الأولى على مشروع قانون حكم الإعدام للمنفذين لعمليات.
مشروع القانون تقدمت به عضو الكنيست ليمور سون هر–ملك (من حزب القوة اليهودية)، لكن القوة الدافعة وراءه هو وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي وزّع بعد التصويت، فرحًا، قطع البقلاوة على زملائه في القاعة، تقليدًا لأسلوب جيراننا.
المقترح اجتاز الكنيست بأغلبية كبيرة: 39 مؤيدًا مقابل 16 معارضًا، المؤيدون ينتمون لأحزاب الائتلاف: الليكود، الصهيونية الدينية والقوة اليهودية، وكذلك من حزب "إسرائيل بيتنا"، أما المعارضون فجاؤوا من حزب العمل، الأحزاب العربية، وحزب "ديغل هتوراه"، حزب شاس وحزب "هناك مستقبل"، لم يشاركا في التصويت.
صوّت حزب "ديغل هتوراه" ضد القانون لأن مرشده الروحي، الحاخام داف لندو، أصدر أمرًا بذلك، مبرره كان الخشية من أن يؤدي القانون إلى اعتداءات ضد اليهود على يد عرب في أنحاء العالم، انتقامًا لمجرد سنّ هذا القانون، وهكذا دعم لندو الموقف التقليدي لليتوانيين: "لا ينبغي استفزاز الأمم".
لكن في الخلفية هناك سبب آخر: قانون التجنيد، أعضاء الكنيست الحريديون يجرون اتصالات مستمرة مع أعضاء الكنيست العرب في محاولة للتوصل إلى صفقة: التصويت ضد قانون الإعدام مقابل دعم قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية، المفاوضات تجري بين رئيس حزب "ديغل هتوراه" موشيه غفني ورئيس حزب حداش–تعال أحمد الطيبي، وهما شريكان قديمان سبق أن "سرقا الخيول معًا" في الماضي، وهذا غير مفاجئ، فالحريديم والعرب حلفاء طبيعيون، كلاهما ضد الصهيونية، يعارضان الدولة، ويتقنان ابتزازها.
ولكي لا يُعدم "إرهابيون" يهود، حرص بن غفير على أن ينص القانون على أن حكم الإعدام يطبّق فقط على "إرهابي" أُدين بالقتل، بقصد المسّ بدولة إسرائيل وبنهضة الشعب اليهودي في أرضه، أي أن قتلة مثل يغئال عمير، باروخ غولدشتاين، عمي بوبر، وعميرام بن أوليئيل ليس عليهم القلق، وكذلك الأمر بالنسبة للمستوطنين الذين يعتدون في الضفة الغربية ويحرقون المساجد وممتلكات الفلسطينيين، ويطلقون النار ويعرّضون الأرواح للخطر.
ويجدر الذكر أيضًا أن غال هيرش، منسق ملف الأسرى والمفقودين، قال في اللجنة التي ناقشت القانون إنه طالما كان هناك أسرى أحياء في غزة فقد عارض القانون، لكنه الآن بعد عودتهم، يؤيد القانون، وكذلك حسب قوله بنيامين نتنياهو، وليس هذا مفاجئًا.
يوجد أيضًا مقالات مرتبطة في الصحيفة تنتقد القانون باعتباره وصمة لا تُمحى، وقانونًا عنصريًا وخطيرًا، وأن كل مؤيد لعقوبة الإعدام إما أحمق أو ساخر أو مجنون.
حكم الإعدام موجود حاليًا في قانون الدولة، ولكن فقط في محكمة عسكرية، وفقط في مخالفات أمنية مثل الخيانة أو مساعدة العدو وقت الحرب، لكن النيابة العسكرية امتنعت فعليًا عن طلب الإعدام، لذلك، خلال 77 سنة من وجود الدولة، أُعدم شخصان فقط: الضابط مئير طوبينسكي الذي اتُّهم بالخيانة، وأدولف آيخمان، وبعد موته تبيّن أن طوبينسكي لم يخُن، وأُعلن أنه بريء، وهذه إحدى أهم الحجج ضد حكم الإعدام: أنه غير قابل للإلغاء ولا يسمح بتصحيح الأخطاء المصيرية.
إضافة إلى ذلك، فإن حكم الإعدام لن يردع المنفذين العرب، فقد رأينا أنهم مستعدون للانتحار تنفيذًا لأوامر "الجهاد"، ومن الواضح أيضًا أن فرض حكم الإعدام سيؤدي إلى عمليات خطف رهائن لمنع التنفيذ، وإذا نُفّذ الحكم، سنشهد أعمال انتقام.
كما أن هذه العقوبة تمتنع عنها أغلب دول الغرب، ولذلك إذا فرضناها سنكون عرضة لضغط دولي كبير، وسيُقال ضدنا إن المحاكمة كانت منحازة ومزيفة ومقررة مسبقًا، والواقع أن المتهم يكون دائمًا عربيًا، وليس يهوديًا أبدًا، وهناك أيضًا مبدأ قدسية الحياة، لا يحق للبشر أخذ حياة شخص آخر. ولا للدولة أيضًا، ولا حتى لإيتمار بن غفير.