12 عامًا على اغتيال المبحوح- آسر الجنود

مجـ ــاهدًا مقـ ــاومًا.. فآسرًا للجنود.. فمطارَدًا.. فمُطارِدًا للكيان الإسرائيلي بما يمده للمقــ ـاومة من سلاح، إلى أن ترجل شهــ ـيدًا بطلًا.. هكذا باختصار هي حكاية الشهـ ــيد القائد محمود المبحوح، أحد مؤسسي كتائب القســـام الذراع العسكـ ــرية لحركة المقـــاومة الإســ ـلامية " حمـــاس ".


يوافق اليوم  ذكرى اغتيال المبحوح في العام 2010م، في حين أن تاريخًا آخر لا يقل أهمية عن تاريخ الشهـ ــادة، هو تاريخ انطلاق الوحدة القســ ـامية المسؤولة عن أسر جنود الاحــ ـتلال، التي كان من أعضائها المؤسسين الشهـ ــيد القائد المبحوح.


افتحوا البوابة الشرقية


في عام 1988 أوعز الشيخ الشهــ ـيد صلاح شحادة قائد الجناح العســ ـكري لحركة حمـ ــاس، لأعضاء المجموعة (101) المتخصصة في أسر الجنود للبدء بعمليات أسر للجنود الإسرائيليين عبر رسالة سربها من داخل سجنه، وحملت كلمة السر للبدء بعمليات الأسر "افتحوا البوابة الشرقية".


في السادس عشر من شباط 1989، قررت الخلية المكونة من الشهيد محمود المبحوح، والمجاهد محمد نصار تنفيذ عملية أسر جنود إسرائيليين من الداخل الفلسطيني المحتل.


انطلق المبحوح ورفيقه بسيارتهم بحثًا عن فريستهما، وبمحاذاة قرية (جلوس) القريبة من خط عسقلان القدس، التقيا بالجندي آفي سبورتس، الذي أشار إليهم وطلب منهم نقله إلى مدينة عسقلان، وبعد صعود الجندي للسيارة أقدم المجــ ـاهد نصار على قتله، ومن ثم قاما بدفنه، وإخفاء جثته قبل مصادرة سلاحه وأوراقه الشخصية.


لم تعلم إسرائيل بفقدان الجندي آفي سبورتس إلا بعد عدة أيام، فيما لم تتعرف على مكان دفن جثته إلا بعد عدة أشهر، بينما سلمت أجهزة الأمن الفلسطينية سلاحه الخاص إلى الاحـ ــتلال بعد سيطرتها عليه فيما بعد.


أسر إيلان


وبعد أقل من ثلاثة أشهر على العملية الأولى، نجح المبحوح ورفيقه في تنفيذ عملية الأسر الثانية في الثالث من آيار 1989، إذ تمكنا من أسر الجندي إيلان سعدون من منطقة المسمية في الداخل الفلسطيني المحـ ــتل، ومن ثم قتله وإخفاء جثته.


فشل الاحـ ــتلال في الوصول إلى جثة جنديها بكل الطرق، فقرر شن حملة اعتقالات غير مسبوقة طالت المئات من قيادات حركة حمــ ـاس وأنصارها، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين.


لم يعثر الاحـ ــتلال على جثة جنديه إلا في عام 1996م، أي بعد 7 سنوات من البحث، عندما حققت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مع بعض أعضاء الجهاز العســ ـكري لحمــ ـاس، وسلمت خريطة دفن الجندي للاحــ ـتلال الإسرائيلي، لتفشل بذلك صفقة تبادل تم التوصل إليها مع قوات الاحتـ ــلال وتقضي بإطلاق سراح 76 أسيرًا وأسيرة من ذوي الأحكام العالية، مقابل جثة الجندي سعدون.


المطاردة


واكبت عمليتي الأسر ملاحقةٌ مشددةٌ، ليصبح المبحوح ورفاقه مطاردين لقوات الاحــ ـتلال الإسرائيلي، وفي حين لم ينجح الاحــ ـتلال في الوصول إلى الشهــ ـيد المبحوح ورفاقه، فقررت الانتقام منه وهدم منزل عائلته.


ومع اشتداد حملة الملاحقة تمكن الشــ ـهيد محمود المبحوح ورفاقه من اجتياز الحدود المصرية، فاعتقلته السلطات المصرية أربعين يومًا، ثم رحّل إلى ليبيا ليستقر بعد ذلك في سوريا.


لم يكن خروج المبحوح من قطاع غزة نهاية المعركة، بل كانت بداية معركة من نوع آخر، فبحسب المصادر الإسرائيلية كان للمبحوح دور رئيس في تهريب الأسلحة والصواريخ إلى قطاع غزة؛ وهو ما جعله المطلوب الأول على قائمة الاغتيالات لدى جهاز الموساد الإسرائيلي.


الشهــ ـادة


في التاسع عشر من يناير/كانون الثاني 2010 كان الشهـ ــيد محمود المبحوح على موعد مع الشهـ ــادة بعد مشوار مشرف وطويل في مقارعة الاحـ ــتلال، فقد تمكن فريق من جهاز الموساد الإسرائيلي، يحمل أعضاؤه جوازات سفر أجنبية مزورة، من اغتياله خلال إقامته في أحد فنادق مدينة دبي، عبر حقنه بمادة سامة سببت له شللاً في عضلات جسده، إلى جانب توقف الجهاز التنفسي؛ ما أدى إلى وفاته على الفور.


قضى المبحوح شهـ ــيدًا، فيما أثارت قضية اغتياله الرأي العام العالمي ضد الاحتـ ــلال، التي حسبت واهمة أن اغتيال المبحوح سيقفل باب أسر الجنود، إلا أن رئيس المكتب السياسي السابق لحمــ ـاس خالد مشـ ــعل في جنازة المبحوح، قال صراحة: لن يكون سبورتس وسعدون آخر من ستقتلهم أيدي تلاميذ الشهـ ــيد المبحوح وأبنائه.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023