تلغراف البريطانية

جون بولتون: مستشار سابق للأمن القومي الأمريكي

 صفقة الرهائن لها تكاليف وكذلك فوائد.. حماس هم الذين سيستفيدون أكثر من غيرهم

احذروا حماس الذين يحملون الهدايا.. لأن الأهداف الرحيمة والحرب التي لا هوادة فيها تشكل مزيجا معقدا.  

في حين أن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر أمر جدير بالثناء، إلا أن هناك طرقا صحيحة وخاطئة للقيام بذلك.  

هناك تكاليف وكذلك فوائد.. وهنا، حققت حماس انتصارا كبيرا.. و لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الاتفاق يشكل سابقة سلبية بشكل قاطع لإسرائيل، لكنه يلقي بظلال من الشك على ما إذا كان سيحقق هدفها المشروع المتمثل في القضاء على تهديد حماس.

والواقع أن الاتفاق معيب بشكل قاتل من نواح كثيرة، حتى ولو سار على نحو لا تشوبه شائبة (وهو ما لم يحدث).  

ومن المقرر أن تفرج حماس عن 50 من ضحايا الإرهاب، وستطلق إسرائيل سراح 150 أسيرا فلسطينيا متهما أو مدانا، وهي نسبة عكس ما يجب أن نعتبره متحضرا.  

إن مساواة الإسرائيليين الأبرياء بمنتهكي القانون أمر مروع أخلاقيا.. وأدين "طفل" إسرائيلي يبلغ من العمر خمسة عشر عاما مدرج في القائمة للإفراج المحتمل عنه بالشروع في القتل لطعنه أحد الجيران.  

كثير منهم من المراهقين الذكور.. يمكنك تخمين السبب.. الحجة الحاسمة لهذه الصفقة الآن هي إزالة الأسرى الإسرائيليين من الخطر ، لكنها لا تفعل شيئا لأولئك الذين تركوا وراءهم.

وتتم عمليات الإفراج على مدى أربعة أيام، حيث "توقف" العمليات العسكرية الإسرائيلية عن العمل.  

ومما لا شك فيه أن إسرائيل ستستغل فترة التوقف للتحضير للمرحلة التالية من الأعمال العدائية، وتناوب القوات وإعادة إمدادها وما شابه ذلك.  

ولكن مقاتلو حماس هم المستفيدون الحقيقيون من وقف الأعمال القتالية.. لقد تم قصفهم جوا ، ومطاردتهم داخل غزة وتحتها في شبكات أنفاقهم غير العادية.. و لا تزال الحملة العسكرية الإسرائيلية في مراحلها الأولى، لكن حماس تضررت بشكل كبير.

لماذا نتوقف الآن؟ وسوف تستغل «حماس» فترة التوقف لتخليص مقاتليها من موقف صعب، وتهريب الأصول والأفراد إلى مصر وإسرائيل عبر أنفاق غير مكتشفة، وإعداد جنوب غزة للهجوم الإسرائيلي المقبل.  

كم عدد فرص التقدم الأسرع أو المزيد من الهجمات المفاجئة التي ستخسرها إسرائيل بسبب هذا التوقف؟ كم عدد الجنود الإسرائيليين الذين سيموتون بسبب فرصة حماس لنصب المزيد من الفخاخ وترسيخ نفسها؟

إذا اختارت حماس إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين، و تمديد فترة التوقف يوما واحدا لكل عشرة أسرى.. ما هو المبرر الذي يمكن تصوره للسماح لعدوك بتحديد مدة التوقف من جانب واحد؟  

و ماذا لو كانت "الصعوبات التقنية" تعني إطلاق سراح ستة رهائن فقط؟  

هل لا تزال حماس تحصل على يوم آخر من الراحة؟  

و ستتحمل إسرائيل بشكل غير عادل عبء استئناف الأعمال العدائية، مما يضيف نفوذا إلى جهود حماس الدعائية لمحو أفعالها في 7 تشرين الأول / أكتوبر.

ولسبب غير مفهوم، تعلق كل من القدس و واشنطن المراقبة الجوية على غزة لمدة ست ساعات يوميا خلال فترة التوقف. قد يكون هذا التنازل أكثر أهمية من الهدنة نفسها لأنه ينفي معلومات إسرائيل حول أنشطة حماس.  

لقد وافقت إسرائيل على أن تكون "بلا عيون في غزة" خلال هذه النوافذ الزمنية الصديقة لمقاتلي حماس.

ويتباهى البيت الأبيض بأن الاتفاق يعني "زيادة هائلة في الإغاثة الإنسانية" إلى غزة، ولكن بدون ضمانات كافية، ستذهب الإغاثة إلى المحتاجين.  

عندما أطلق هربرت هوفر أول جهود إغاثة دولية كبرى أميركية في الحرب العالمية الأولى، أصر على شرطين :  

▪️ يجب أن تذهب المساعدات فقط إلى غير المقاتلين.

▪️ يجب على المانحين توزيعها أو مراقبتها عن كثب.

ليس لدينا أي فكرة عن مقدار ما سيقع في أيدي حماس، مما سيتيح المزيد من الإرهاب.

المشكلة العسكرية الحرجة لإسرائيل هي الفرص التي ستضيعها من خلال وقف هجومها الناجح بشكل متزايد في منتصف الطريق.  

وتتلخص استراتيجية حماس في أخذ أي وقفة، مهما كانت قصيرة، وأيا كان مبرراتها، وتمديدها إلى وقف دائم لإطلاق النار.  

قد لا يحدث ذلك في المحاولة الأولى، لكن الضغط على إسرائيل للخضوع سيزداد.

إن الخطر السياسي الحرج الذي تواجهه إسرائيل هو تقويض تصميمها على القضاء على حماس.  

والأمر الأكثر إثارة هو قوة الدعم الأمريكي، الذي بدأ يضعف بالفعل.. لقد فتر دعم بايدن الخطابي القوي في البداية لإسرائيل، وتتقلص عزمه يوميا تحت هجوم الجناح اليساري المؤيد للفلسطينيين في الحزب الديمقراطي.. و ستزداد مشاكله حدة مع تكشف الحملة الرئاسية لعام 2024.

فوائد تحرير الأسرى الإسرائيليين واضحة الآن.. و التكاليف الأكبر بكثير في طريقها.