تقرير لهآرتس يؤكد تعرض أسرى فلسطينيين لعنف جسدي وإهمال طبي تسبب في استشهادهم داخل سجون الاحتلال
هآرتس- حضارات

ورد في صحيفة هآرتس العبرية، مساء يوم الأربعاء 6 ديسمبر 2023

توفي أربعة فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتوفي اثنان آخران في مرافق الاعتقال الإداري للجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأكدت هآرتس على وجود كدمات على جثمانين منهم. وأشارات إلى شهادات على وجود عنف مورس داخل السجون ضدهم قبل موتهم أو وجود إهمال طبي. 



وأشارت هآرتس إلى أن:" ازدياد حالات الموت يأتي على خلفية شهادات قدمها سجناء ومعتقلون للمحامين والمحاكم العسكرية عن عنف تعرضوا له في السجون واستناداً إلى شهادات سجناء أطلق سراحهم في إطار الصفقة مع حماس".



وذكرت الصحيفة أنه:" في إحدى الحالات، تشير شهادة سجين أطلق سراحه، إضافة إلى تقرير تشريح الجثة إلى أن سبب موت المعتقل هو تعرضه للعنف غالباً. مع ذلك، لم يتم تحديد سبب الوفاة". 

وهو السجين عبد الرحمن مرعي، أحد سكان قراوة بني حسان، مات في سجن مجدو في 13 نوفمبر عن عمر 33 سنة، وكان قد اعتقل إدارياً في شباط. 

بعد عشرة أيام، أُجري تشريح له بعد الوفاة في معهد الطب الشرعي في “أبو كبير” بحضور طبيب من منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” بناء على طلب من عائلته. وحسب كل نتائج التشريح التي بحوزة الطبيب والتي وصلت إلى هآرتس، تبين أن آثار ضرب كانت على صدر مرعي، وكانت ضلوعه وعظام صدره مكسورة.

وتضمن التقرير أيضاً وجود علامات ضرب خارجية على رأسه ورقبته وظهره ومؤخرته ويده اليسرى والورك. وكتب أيضاً أنه وبسبب صحته الجيدة ولا وجود لأمراض سابقة عنده، فمن المرجح أن العنف الذي تعرض له والعلامات الدالة على ذلك والظاهرة على جسمه، هي ما سببت وفاته. مع ذلك، أشير أنه لا يمكن تحديد سبب الوفاة في هذه المرحلة، وأن فحوصات أخرى ستجرى لاحقاً قد تسلط الضوء على الموضوع. وكتب أيضاً أن تقرير الشرطة الذي عرض على معهد الطب الشرعي، بين أن مرعي خاضعاً للتكبيل بقوة لستة أيام قبل وفاته.

تضاف إلى التقرير شهادة لسجين أطلق سراحه في 16 تشرين الثاني من سجن مجدو، قال إنه كان مع مرعي في الزنزانة نفسها، وقدم إفادته لـ “أطباء من أجل حقوق الإنسان” في محادثة هاتفية بعد إطلاق سراحه. وحسب قوله، فإن قوات من وحدات مختلفة تابعة لمصلحة السجون، اعتادت منذ بداية الحرب على الدخول إلى السجن أيام الأحد والثلاثاء كل أسبوع، وتكبيل أيدي السجناء وراء ظهورهم وضربهم. وقال إنه كان شاهداً على الضرب الذي تعرض له مرعي قبل بضعة أيام من إطلاق سراحه هو نفسه. “لقد كبلوا أيدينا وراء ظهورنا وبدأوا في حفل الضرب”، وفق شهادته التي وصلت هآرتس. “استفزوا أحد السجناء، وهو مرعي، وشتموا والده المتوفى منذ فترة قصيرة. بدأ مرعي بالصراخ، ثم هاجمه حوالي 15 شخصاً من رجال القوة، فأحاطوه وضربوه ضرباً مبرحاً. استمر الضرب خمس دقائق، وركزوا ضربهم على رأسه، ثم أخذوه، وما علمنا عنه شيئاً بعد ذلك “. بعد أسبوع، قال، إن السجناء تلقوا نبأ وفاته.



السجين الأخير الذي توفي أثناء وجوده في السجن هو ثائر أبو عصب، من قلقيلية (38 سنة). توفي في سجن “كتسيعوت” [سجن النقب الصحراوي] في 18 نوفمبر. 

كان أبو عصب مسجوناً منذ 2005 بتهمة محاولة قتل. بعد بضعة أيام على وفاته، قدمت عائلته بواسطة المحامي سليمان شاهين طلباً للتحقيق في سبب موته بمرافقة طبيب العائلة بدعوى أن موته لم يكن طبيعياً. في اليوم نفسه، ردت الدولة بأن تشريح الجثة أجري بعد يومين على وفاته، لأن المحكمة صادقت على إجرائه بدون إبلاغ العائلة والحصول على موافقتها بسبب صعوبة الاتصال مع سكان الضفة الغربية في فترة الحرب. وكتب أيضاً بأنه لم يتم تسلم تقرير نهائي حول سبب موته حتى الآن. 


وبعد إطلاق سراح سجناء أمنيين في إطار صفقة التبادل، ظهرت شهادات تكشف الظروف التي توفي فيها أبو عصب. 

السجين محمد القطناني (18 سنة) من مخيم عسكر للاجئين في منطقة نابلس، قال إن أبو عصب كان معه في نفس الغرفة . وقال إن أبو عصب توفي بعد ضربه ضرباً مبرحاً على يد وحدة “كيتر” التابعة لمصلحة السجون، المسؤولة عن الإخلال بالنظام في السجون. وقال في مقابلة موثقة نشرت في الشبكات الاجتماعية: “دخلوا الغرفة وبدأوا بضربنا دون سبب. أخذوا الشهيد أبو عصب إلى المراحيض، وقاموا بضربه بعصا على رأسه. شاهد السجان النزف من رأسه، فاستمر في ضربه جهة كتفه حتى كسره. ثم ضربه مرة ثالثة وسقطت قطعة من رأسه على الأرض. شاهدنا شيئاً يسقط بيننا”. 

وحسب قوله، غادر السجانون الغرفة بعد ذلك. “لم نعرف ماذا نفعل. فعلنا كل شيء كي لا يتحرك. وطلبنا أن يأتي شخص لمساعدتنا”، قال الكتناني. “حاولنا فحص نبضه، لكنه كان قد توفي في هذه الأثناء. غطيناه بأيدينا”. ووفق قوله، وصل سجان إلى المكان بعد ساعتين، ولاحظ أبو عصب مرمياً على الأرض. نقله السجانون على حمالة، وأبلغوا السجناء بعد بضع دقائق بوفاته.



في تشرين الأول توفي في معتقلات مصلحة السجون اثنان آخران: عمر ضراغمة (58 سنة)، اعتقل إدارياً بعد يومين من اندلاع حرب 7 اكتوبر، وتم احتجازه في سجن مجدو، وتوفي في 23 نوفمبر. وقال محامي ضراغمة، أشرف أبو اسنينة، أثناء إجراءات الاعتقال، للصحيفة بأنه تم عقد جلسة في المحكمة في يوم وفاته، حضرها عبر الفيديو. “كان النقاش عادياً. سألته: كيف تشعر. أجاب: على ما يرام. وقد أوضح لي بأن الوضع في السجن بشكل عام صعب وأن سلوك مصلحة السجون عنيف”، قال المحامي. وحسب قوله، بعد بضع ساعات على الجلسة، تم إبلاغه بوفاة ضراغمة. وبعد وفاته، اتخذت المحكمة قراراً بالمصادقة على أمر الاعتقال الإداري لستة أشهر!




في اليوم التالي، توفي عرفات حمدان (25 سنة) في سجن عوفر. وقالت هيئة الأسرى الفلسطينيين إن حمدان اعتقل قبل يومين من وفاته. وحسب أبناء عائلته، كان مريضاً بالسكري، وقالوا إن السلطات الإسرائيلية عرفت ذلك. الأب ياسر حمدان، قال للصحيفة في محادثة بأن رجلاً من “الشاباك” اتصل به وطلب منه إرسال أدوية. تحدثت هآرتس مع معتقل أُطلق سراحه مؤخراً من سجن مجدو هو أيضاً كان مريضاً بالسكري. وحسب قوله، رغم أن معرفة سلطات السجن بمرضه، لم يحصل على الدواء بشكل منظم. “أعطوني الدواء مرتين في حين كان يجب أن آخذه ثلاث مرات في اليوم”، وقال الطبيب سامر، وهو طبيب في مهنته، بأن الكثير من المعتقلين معه لم يحصلوا على الأدوية التي يحتاجونها.



وكشفت هآرتس أيضاً عن معتقلين من غزة توفيا أثناء وجودهما في معتقل للجيش في معسكر قرب عناتا، وفي سجن عوفر بالضفة الغربية. وهما من عمال غزة، تم اعتقالهما بعد أن ألغت إسرائيل تصاريح العمل بشكل جماعي بعد 7 أكتوبر، واحتجزت العمال في معتقلات عسكرية إلى حين نقلهم إلى القطاع في نوفمبر. وحسب شهادات وصلت هآرتس، فإن رجا سمور (46 سنة) وهو أب لأربعة أولاد في غزة، كان مريضاً بالسكري، وقد توفي لعدم حصوله على العلاج الذي طلبه بعد اعتقاله في معسكر “عناتوت”. 

والمعتقل الثاني هو ماجد زقول (32 سنة)، وكان مريضاً بالسرطان، ويعيش في الضفة. تلقت عائلة زقول نبأ وفاته بعد نشره في الصحيفة. في حين لم تحصل عائلة سمور حتى الآن على أي بلاغ رسمي من السلطات عن وفاته. موعد وفاتهما الدقيق غير معروف؛ لأن الجيش الإسرائيلي لم يعلن عن ذلك. وجثماناهما ما يزالا لدى الجيش.


موت السجناء في السجون يضاف إلى عدد آخذ في الازدياد لشهادات سجناء تم إطلاق سراحهم، أو شهادات خطية ظهرت في محاضر الجلسات لمناقشة الاعتقالات في المحاكم العسكرية حول العنف الشديد الذي مورس عليهم منذ اندلاع الحرب. وفي الجلسة التي عقدت في 15 تشرين الثاني بشأن أحد المعتقلين الإداريين، قال هذا المعتقل إنه تعرض لضرب في سجن عوفر، وقد كسر أنفه جراء ذلك، وحتى أنه طلب من القاضي عدم إنهاء الجلسة بدون وعده بأن لا يتم ضربه مرة أخرى. بسبب الشكوى ضد العنف، أمر القاضي بنقل نسخة من محضر الجلسة إلى مصلحة السجون، وإلى النائب العام في النيابة العسكرية في “يهودا والسامرة”.



وجاء من مصلحة السجون الرد: “حسب أوامر مصلحة السجون، تبين أن وفاة السجين تحتاج إلى لجنة تحقيق ما لم يكن هناك تحقيق للشرطة أو أي جهة تحقيق أخرى. ويتم الآن إجراء فحوصات بشأن السجناء الذين توفوا منذ بداية الحرب، ولم تنته الإجراءات بعد. لذلك، لا يمكننا إعطاء تفاصيل حول ظروف الوفاة في هذه المرحلة”.


وجاء من المتحدث العسكري الرد: “اثنان من سكان غزة توفيا أثناء وجودهما في معتقل في مركز البلاد. وتوفي معتقل آخر أثناء وجوده في السجن، واثنان أثناء دخولهما المعتقل، وقد توفيا بسبب وضع صحي معقد عند وصولهما إلى المعتقل. يجرى الآن فحص حول ظروف وفاتهم. وأي ادعاء يطرحه المحامون في الجلسات ضد العنف أو أي مس آخر بحقوق المتهمين أو المشبوهين يتم توثيقه في محاضر الجلسات، وتُنقل الحالات المناسبة بقرار قضائي إلى مصلحة السجون وجهات أخرى ذات صلة بغية فحصها”.



ونقلت الصحيفة عن منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية أن "الوزير المسؤول عن مصلحة السجون يشجع السلوك الانتقامي"، في إشارة إلى وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.



بينما أعلنت هيئة شؤون الاسرى والمحررين الفلسطينية في 19 نوفمبر عن"ارتفاع عدد المعتقلين الذين ارتقوا داخل السجون منذ السابع من 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى 6 شهداء".

وأكدت الهيئة في بيان صدر عنها، أن "الاحتلال ينفذ عمليات اغتيال ممنهجة بحق المعتقلين وعن سبق إصرار".

وسبق أن حذرت مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى، بينها نادي الأسير الفلسطيني، في بيانات صحفية، من "تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي فعلياً عمليات اغتيال وإعدام ممنهجة بحق المعتقلين والأسرى في سجونه ومعسكراته".

وأضافت أن "المعطيات لا تتوقف عن الجرائم الممنهجة التي تنفّذ بحقّ الأسرى والمعتقلين وعائلاتهم، والتي تأتي في إطار العدوان الشامل على شعبنا والإبادة المستمرة في غزة".

كما أشارت إلى "فيديوهات ينشرها الاحتلال للمعتقلين، تتضمن عمليات تعذيب وظروف احتجاز تحط من الكرامة الإنسانية".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023